ساتر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينظرون إليه.
وكما حكى الله -تعالى- عن المشركين:{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصلت: ٥]، أيْ: حاجبٌ وحاجزٌ، لا يصل كلامك إلينا ولا نستمع إليه ولا نفْقهه.
٢ - حجاب حِسّي:
كما في قوله تعالى:{وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعًا فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ}[الأحزاب: ٥٣].
والحجاب الذي احتجب الله- تعالى- به عن خلْقه هو حجاب حسي حقيقي، والذي جعلَنا نَحمله على ذلك أمورٌ:
الأول:
أنه ثبت في الحديث قوله:«فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ- عَزَّ وَجَلَّ-»(١)، وكشْف الشيء: إزالته ورفْعه، وهذا لا يوصف به المعدوم؛ فإنه لا يُزال ولا يُرفع، وإنما الذي يُزال ويُرفع: الموجود.
الثاني:
قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب:«حِجَابُهُ النُّورُ»، وَفِي رِوَايَة:«النَّارُ»؛ فذِكر رواية «النارُ» قد دل على أنه حجاب حسّي حقيقي.
الثالث:
قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا سُئل: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ:«رَأَيْتُ نُورًا»(٢)، والمراد بالنور الذي رآه النبي - صلى الله عليه وسلم- ليلة المِعراج هو نور الحجاب، فلو كان هذا الحجاب معنويًّا- كما يدَّعي النُّفاة- لَما كان له نُورٌ يُرى.