فَقُلْتُ لأَبي مُحَمَّدٍ: مَا مَنَعَ الخُلَفَاءَ بَعْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبْنُوهُ؟ فقالَ لِي: اشْتَغَلُوا عَنْ ذَلِكَ بالجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ، وتُرِكَ كَمَا تَرَكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَسْنَدَ الوَليدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:"أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا قَضَى طَوَافَهُ بالبَيْتِ وأَرَادَ الخُرُوجَ إلى الصَّفَا اسْتَلَمَ الحَجَرَ"(٢).
* وهَذا الحَدِيثُ في جَمِيعِ المُوَطَّآتِ [عَنْ](٣) مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا قَضَى طَوَافَهُ بالبَيْتِ"[١٣٤٦].
* ومَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ طَافَ بالبَيْتِ وَرَكَعَ أَنْ يَسْتَلِمَ الحَجَرَ، وكَذَلِكَ يَخْرُجَ إلى الصَّفَا للسَّعِي بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، ومَنْ تَرَكَ الاسْتِلَامَ فَلَا شَيءَ عَلَيْهِ، وقَدْ قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ:"كَيْفَ صَنَعْتَ في اسْتلَامِ الرُّكْنِ الأَسْوَدِ؟ فقَالَ: اسْتَلَمْتُ وتَرَكتُ، فقَالَ: أَصَبْتَ"[١٣٤٧] فَفِي هَذا بَيَانُ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ الإسْتِلَامَ مَنْ غَلَبَةُ أَلَّا شَيءَ عَلَيْهِ.
(١) رواه البخاري (١٥٢٥)، ومسلم (١٢٦٦)، بإسنادهم إلى حماد بن زيد به. (٢) ينظر: التمهيد ٢٤/ ٤١٣. (٣) زيادة يقتضيها السياق.