بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وسَلَّم تَسْلِيمَا
تَفْسِيرُ كِتَابِ الأَقْضِيَةِ
قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وإنَّكُم تَخْتَصِمُونَ إليَّ" يَعنِي: أَنَا بَشَرٌ لا عِلْمَ لِي بِبَوَاطِنِ أُمُورِكُم التي تَخْتَصِمُونَ فِيها إليَّ، وهذا فِيمَا لَمْ يُطْلِعهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ، فأَمَّا مَا أَغلَمَهُ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى إياهُ فَهُوَ بَائِنٌ فِيهِ عَنْ سَائِرِ البَشَرِ.
وقَوْلُهُ: "فَلَعَلَّ بَعضَكُم أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بعضٍ"، يَعنِي: يَكُونَ أَفْطَنَ
بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعضٍ (١)، وأَجْدَلَ في كَلاَمِهِ مِنْ صًاحِبهِ الذي يُخَاصِمُهُ.
وقالَ أَبو عُبَيْدٍ: اللَّحَنُ -بِفَتْحِ الحَاءِ- الفِطْنَةُ، واللّحنُ -بَجَزْمِ الحَاءِ- الخَطَأُ في الكَلاَمِ (٢).
قالَ أَبو المُطرَّفِ (٣): في هذا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْهِ: أَنَّ قَضَاءَ القَاضِي لَا يَحِلُّ للمُقْضَى لَهُ مَالَ المُقْضَى عَلَيْهِ إذا ادّعَى [عَلَيْه] (٤) مَا لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ، قالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٨٨]، وقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "حُرمَةُ مَالِ المُسْلِمِ
(١) قوله (من بعض) لا توجد في نسخة (ق).(٢) غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام ٢/ ٤٢.(٣) في نسخة (ق): ع.(٤) من نسخة (ق).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute