أن الفرزدق نزل بامرأة من العرب من طيء فقالت: ألا أدلك على رجل يعطي؟ فقال: بلى، فدلته على المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، وكان مروان بن الحكم خاله فبعث به مروان إلى (٣) صدقات طيء، ومروان عامل معاوية -رضي الله تعالى عنه- يومئذ على المدينة، فلما أتى الفرزدق المطلب وانتسب له رحب به وأكرمه وأعطاه عشرين أو ثلاثين بكرة، قلت: فحاصل المعنى: أنه يقول أنا ما زرت ليلى لتكون لي حبيبة ولا لأجل طلب دين لي عليها ولكن لأجل ضرورة تنزل بالشخص.
الإعراب:
قوله:"وما زرت" جملة منفية، و "ليلى" مفعول زرت، ويروى: سلمى موضع ليلى، قوله:"أن تكون" أي لأن تكون، فحذف حرف الجر منها وإنما حذف لطول أن بصلتها، وما حذف للطول فهو مراد، فإذا كانت اللام هاهنا مقدرة كانت أن مع صلتها في موضع الجر، وقوله:"تكون" بمعنى كانت، قوله:"حبيبة" نصب على أنها خبر تكون، و:"إلي" تتعلق بها.
قوله:"ولا دين" بالجر عطف على قوله: "أن تكون حبيبة إلي"؛ لأنها مخفوضة باللام المقدرة كما ذكرنا أي ولا لأجل دين بها أي بليلى، والجار والمجرور يتعلق بقوله طالبه، والباء بمعنى من؛ أي: ولا دين أنا طالبه منها، ويقال بها بمعنى عليها والباء بمعنى على كما في قوله تعالى: ﴿مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ﴾ [آل عمران: ٧٥] أي على قنطار، قوله:"أنا" مبتدأ، و:"طالبه"
= ط. دار صادر، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (٣/ ٢٩)، وشرح أبيات سيبويه (٢/ ١٠٣)، والمغني (٥٢٦)، وشرح شواهد المغني (٨٨٥)، وهمع الهوامع للسيوطي (٢/ ٨١)، والإنصاف (٣٩٥)، وتخليص الشواهد (٥١١)، والدرر (٥/ ١٨٣). (١) ينظر القصيدة المذكورة في ديوان الفرزدق (١/ ٨٤)، ط. دار صادر. (٢) هذا البيت غير موجود بالديوان. (٣) في (أ): على.