والبيت المذكور من قَصيدة يهجو بها الأخطل النصرانيَّ حين هجاه الأخطلُ، وهي من الوافر وفيه العصب والقطف، ومنها قوله (١):
١ - يَظَلُّ لِنِسْوَةِ النُّعْمَانِ مِنَّا … على سَفَوانَ يوم أرْوَنَانِ
٢ - فَأرْدَفَنَا حَلِيلَتهُ وجئْنَا … بما قد كان جَمّعَ مَنْ هِجَانِ
و"سفوان" -بفتح السين المهملة والفاء موضع قرب البصرة، ويقال: يوم أرونان وليلة أرونانة: شديدة صعبة، فإن قلتَ:"أرونان" ها هنا صفة ليوم وهو مرفوع، فكيف خفض أرونان؟ قلتُ: أصله: أروناني بياء النسبة للمبالغة؛ كالياء في أحمريّ ودواريّ ثم خفف، ويقال: إنه بالرفع على الإقواء، وفيه غلطة لابن الأعرابي؛ حيث قال: إنه مشتق من الرنة وهي الصوت (٢)، ويرده أنه ليس في العربية: أفعوال (٣)، وإنما هو من الرونة وهي الشدة، وهذا ذكره الجوهري في باب الراء والواو والنون، وقال: روّن ثم فسره (٤).
قوله:"بني خلف" بنو خلف هم رهط الأخطل، وهم من بني تغلب، ويروى من بني جشم، وهي -أيضًا- قبيلة، قوله:"إن أخطلكم" قد قلنا: إنه أراد به الأخطل النصراني الشاعر المشهور وهو غياث بن غوث، أو غيث (٥) بن غوث، قوله:"هجاني": من هجا يهجو هجوًا وهو خلاف المدح.
الإعراب:
قوله:"ألا": كلمة تنبيه تحقق ما بعدها، "وأبلغْ": أمر من الإبلاغ، وفاعله أنت مستتر فيه، وقوله:"بني خلف": كلام إضافي مفعوله، وقوله:"رسولًا": حال من الفاعل، واسم للمصدر بمعنى الرسالة فيكون مفعولًا ثانيًا.
فإن قلت: هل يجيء الرسول بمعنى الرسالة؟
(١) البيتان في الصحاح، مادة: "رون"، وهما أيضًا في الديوان (١٦٣)، والنابغة الجعدي حياته وشعره، د. خليل إبراهيم (١٩٦)، ورواية البيت الأول فيه هي: وظل لنسوة ................... … .................................... (٢) اللسان، مادة: "رون". (٣) وهو عند سيبويه: "أفعلان" من كشف الله عنك رونة هذا الأمر أي شدته، ينظر اللسان، مادة: "رون". (٤) الصحاح، مادة: "رون" وفي النسخ أخطاء في هذا الموضع صححناها. (٥) في النسخة (أ): غويث.