وفيه قول ثان: وهو أن يحمل الطلاق عليهما جميعا. هذا قول مكحول. وسئل الشعبي عن رجل قال لآخر: إنك لحسود قال: أحسدنا امرأته طالق ثلاثا. فقال الآخر: نعم. فقال الشعبي: خبتما جميعا وخسرتما وبانت منكما امرأتكما (١).
وحكى أبو عبيد عن أهل العراق قولين أحدهما: أن يدينا. والآخر كالقول الثاني الذي ذكرناه. وبهذا القول قال أبو عبيد.
وقال قتادة في رجل له حق على رجل، فقال المطلوب: قد قضيتك وإلا فامرأته طالق، وقال الطالب: امرأته طالق إن كنت قضيتني. قال: على المطلوب البينة أنه قد قضى له، فإن أقام البينة طلقت امرأة الطالب. وإن لم يأت حلف الطالب بالله ما قضاني، ثم طلقت امرأة المطلوب.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول. ولا يجوز أن يدفع شك الحنث يقين النكاح.
وكان الشافعي يقول (٢): إذا شك بالطلاق لم ألزمه بالشك في الحكم، والورع له أن يطلقها.
وكان أحمد بن حنبل (٣) وإسحاق يقولان: إذا حلف بطلاق امرأته لا يدري واحدة أم ثلاث، أما الواحدة فقد وجبت عليه، وهي عنده حتى يستيقن.
قال أبو بكر: هذا كما قال الشافعي.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ١٥٣ - في الرجلين يحلفان على الشيء بالطلاق). (٢) "المهذب" (٢/ ١٠٠ - باب الشك في الطلاق واختلاف الزوجين فيه). (٣) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (١٠٣٢).