أبي هُرَيْرَة. وفيه من الاضطراب أكثر ما ذكرناه (١)، والله أعلم» (٢).
وَقَدْ أطال الحافظ العراقي النفس في ذكر أوجه الخلاف الواردة في هَذَا الحَدِيْث (٣)، وكأنَّه ينحو منحى ابن الصَّلاح في عدِّ هَذَا اضطراباً، وَقَدْ تعقّب الحافظُ ابنُ حجر العسقلانيُّ الحافظين الجليلين ابن الصَّلاح و العراقي، فَقَالَ: «جَمِيْع من رَواهُ عن إسماعيل بن أمية عن هَذَا الرجل، إنَّما وقع الاختلاف بينهم في اسمه أو كنيته. وهل روايته عن أبيه أو عن جده أو عن أبي هُرَيْرَة بلا
واسطة؟ وإذا تحقق الأمر فِيهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حقيقة الاضطراب؛ لأنَّ الاضطراب هُوَ: الاختلاف الَّذِي يؤثر قدحاً. واختلاف الرواة في اسم رَجُل لا يؤثر؛ ذَلِكَ لأَنَّهُ إن كَانَ ذَلِكَ الرجل ثِقَة فَلَا ضير، وإن كَانَ غَيْر ثِقَة فضعف الحَدِيْث إنما هُوَ من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثِّقات في اسمه فتأمل ذَلِكَ (٤). ومع
ذَلِكَ كله فالطرق الَّتِي ذكرها ابن الصَّلاح، ثُمَّ شَيْخُنَا قابلة لترجيح بعضها عَلَى بَعْض، والراجحة مِنْها يمكن التوفيق بينها فينتفي الاضطراب أصلاً
ورأساً» (٥).
أقول: إنَّ الأصح عدم التمثيل بهذا الحَدِيْث؛ لأنَّ حريثاً مَجْهُوْل لا يعرف (٦)، وعلى فرض التسليم بصحبته -فيكون عدلاً- فإنَّ الرَّاوِي عَنْهُ مَجْهُوْل لَمْ يرو عَنْهُ غَيْر إسماعيل بن أمية، لذا فإنَّ كلام الحَافِظ ابن حجر
(١) كرواية سُفْيَان بن عيينة عِنْدَ أحمد ٢/ ٢٤٩ وغيره، ورواية معمر بن راشد عِنْدَ أحمد ٢/ ٢٤٩ و ٢٥٤ و ٢٦٦ مقروناً بالثوري كَمَا سبق، وابن خزيمة (٨١٢) بتحقيقي. وكرواية ذوّاد بن علبة الَّتِي ذكرها المزي في " تهذيب الكمال "٢/ ٨٩ (١١٥٨). وفيه أيضاً اختلاف عَلَى سُفْيَان بن عيينة في إسناده، واختلاف عَلَى عَلِيّ بن المديني أيضاً. (٢) " مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث ":١٩٢ - ١٩٣ بتحقيقي. (٣) انظر: " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٢٩١ - ٢٩٣ بتحقيقي. (٤) الأولى في ذلك أن تجمع علل الحديث فيعل بها، فإن إعلال الحديث بضعف أحد الرواة أشد تماسكاً من إعلاله بضعف الراوي واضطرابه أو بعدم سماعه من شيخه أو غير ذلك من العلل. (٥) " نكت ابن حجر " ٢/ ٧٧٢ - ٧٧٣ و: ٥٣٨ بتحقيقي. (٦) انظر: " التقريب" (١١٨٣)