قلت: ولا أحد يشك في ثقة زائدة وعلو شأنه في هذا الفن، إلا أنَّه وبكل حال لا يرتقي إلى السفيانين وشعبة وطبقتهم من الحفّاظ، فإنْ خالف زائدة أحد هؤلاء الرواة ردت روايته، فكيف به وقد خالف ثماني عشرة نفساً فيهم من يفوقونه ضبطاً وإتقاناً، وليس أدل على شذوذ رواية زائدة من مخالفته السفيانين وشعبة، وقبل أنْ نختم البحث في هذا الحديث، هناك ثلاثة أمور تستوجب المناقشة.
١ - ما ذكره العلامة الألباني في " صفة صلاة النبي "ﷺ حاشية: ١٥٩ فقال: «وسُئل الإمام أحمد: هل يشير الرجل بإصبعه في الصلاة؟ قال: نعم شديداً ذكره ابن هانئ في مسائله عن الإمام أحمد: ٨٠» انتهى.
قلت: وهذا الكلام يكون حجة على من قال بالتحريك لا عكسه، فظاهر كلام الإمام أحمد يدل على الإشارة وليس على التحريك كما هو بيّن.
٢ - أنَّ من قال بالزيادة، وأقصد هنا الشيخ الألباني لم يذكر أنَّ هيئة الحركة من أعلى إلى أسفل، وإنَّما من اليمين إلى اليسار بسرعة، وقد ذكر الشيخ أبو إسحاق الحويني في أحد البرامج في قناة الحكمة وقناة الناس، وهو محفوظ عندي بالصوت والصورة من الشبكة العنكبوتية فقال: «إنَّ الشيخ الألباني رآه يحرك إصبعه في التشهد بطريقة فيها رفع السبابة بخفض ورفع، فقال: أراك تحرك إصبعك بطريقة ما، فهل عندك في ذلك سنة؟.
قال الشيخ الحويني: إنَّما هو من كتابكم " صفة الصلاة ".
فقال الشيخ الألباني: إنَّما قلت: يحركها، ولم أقل يرفعها ويخفضها فهذا رفع وخفض وأراه كيف يحركها: فهو يحركها يمنة ويسرة في مكانها
سريعاً» (١) انتهى.
قلت: فإذن التحريك من أعلى إلى أسفل غير صحيح حتى عند من
(١) وبهذا قال المالكية. انظر: " الفقه الإسلامي وأدلته " ٢/ ٩٠٣، و " الفقه على المذاهب الأربعة ": ١٥٢.