الاستحسان الذي لا يستند إلى دليل شرعي، ومن مشهور قوله:"من استحسن فقد شرع"(١)، ومما سطره في رسالته قوله:"ليس لأحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول إلا بالاستدلال ... ولا يقول بما استحسن؛ فإن القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سابق"(٢).
ب - أن المراد بالبدعة في قول الإمام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - المتقدم البدعة بمعناها اللغوي لا بمعناها الشرعي، ويدل لذلك سياقه لقول عمر - رضي الله عنه - المتقدم.
يقول الحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "مراد الشافعي - رضي الله عنه - ما ذكرناه قبل، أن أصل البدعة المذمومة ما ليس لها أصل في الشريعة ترجع إليه، وهي البدعة في إطلاق الشرع، وأما البدعة المحمودة فما وافق السنة يعني: ما كان لها أصل من السنة ترجع إليه، وإنما هي بدعة لغة لا شرعًا لموافقتها السنة"(٣).
ثانيهما: النقض:
بما تقدم من الأدلة الدالة على أن البدعة كلها سيئة، وقد جاءت على كثرتها مطلقة ولم يستثن منها شيء (٤).
ثالثًا: حكم البدعة:
يرى ابن حجر - غفر الله له - أن البدعة تجري فيها الأحكام التكليفية الخمسة، حيث قال:
"البدعة منقسمة إلى الأحكام الخمسة؛ لأنها إذا عرضت على القواعد الشرعية لم تخل عن واحد من تلك الأحكام.
فمن البدع الواجبة على الكفاية: الاشتغال بالعلوم العربية المتوقف عليها فهم الكتاب والسنة ... وبالجرح والتعديل وتمييز صحيح الأحاديث
(١) نقله عنه الشاطبي في الاعتصام (٢/ ١٣٧). (٢) الرسالة (ص ٢٥)، وانظر: (ص ٥٠٤، ٥٠٧، ٥٠٨). (٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٣١). (٤) انطر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٣٧٠)، اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٥٨٨)، الاعتصام (١/ ١٤١ - ١٤٢).