وذِكْرُ أدلة هذه الأنواع، والكلام في ثبوتها ودلالتها مبسوط في مواضعه من كتب أهل العلم (١).
وقول ابن حجر - عفا الله عنه - بأن الشفاعة بقسميها وأنواعها راجعة إلى شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحتمل حقًّا وباطلًا.
فأما احتمال الحق فيه فهو ما عبر عنه بقوله:"لأنه إذا كان صاحب شفاعة الأنبياء والكل تحت لوائه فتقديمهم للشفاعة وإجابة شفاعتهم إنما هو إجابة له - صلى الله عليه وسلم - ... ".
وأما احتمال الباطل فيه فهو ما عبر عنه بقوله:"وإنما الشفعاء نوابه في الحقيقة".
فإن أراد به أنهم يشفعون بأمره وإذنه فهذا باطل؛ لقوله تعالى:{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}[الزمر: ٤٤]، وقوله سبحانه:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}[آل عمران: ١٥٤]، وقوله عز وجل:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨].
وإن أراد به أنهم إنما يشفعون بعده وتبعًا له فهذا حق، كما دل عليه حديث الشفاعة الطويل (٢).
ثالثًا: الصراط:
يرى ابن حجر رحمه الله وجوب الإيمان بالصراط، حيث يقول:"ومما يجب الإيمان به ... الصراط"(٣).
(١) انظر: كتاب التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٥٨٨)، الحجة في بيان المحجة (٩/ ٤٥٢ - ٥٦٤)، الدرة فيما يجب اعتقاده (ص ٢٩٤ - ٢٩٧)، الشفا (١/ ٢٨٩)، التذكرة (٢/ ٥٦ - ٧٨)، شرح صحيح مسلم (٣/ ٣٥ - ٣٦)، مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٧)، حاشية تهذيب السنن لابن القيم (٢/ ١٣٤)، النهاية لابن كثير (٢/ ٢٠٢ - ٢٠٩)، إثبات الشفاعة (ص ٢٠ - ٢٢)، شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢٨٢)، فتح الباري (١١/ ٤٢٦ - ٤٢٨)، التوضيح عن توحيد الخلاق (ص ٣٥٢)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ٢١١)، وللاستزادة: الشفاعة للدكتور ناصر الجديع (ص ٣٨) وما بعدها. (٢) سبق تخريجه (ص ٢٨٤). (٣) التعرف (ص ١١٨ - ١٢١)، وانظر: العمدة شرح البردة (ص ٤٨٦).