ذكر الكاتب أن للوحي اتجاهاً، وللنبي - صلى الله عليه وسلم - اتجاهاً، وجعل من آثار اتجاه النبي - عليه الصلاة والسلام - العمل على إيجاد بيئة إسلامية صالحة لما يرد عليها بعد من مبادئ التشريع، والواقع أن للوحي في هذا العمل فضل الآمر به، وهذا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قد قال:"لما أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منى"، وذكر كيف كانوا يأتون مجالس العرب (١).
وكان - عليه الصلاة والسلام - ينتظر بالهجرة من مكة إلى المدينة إذن الله فيها، ولم يقدم عليها حتى جاءه الوحي، وهذا ابن عباس كانه قد قال:"بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة يوحى إليه، ثم أُمر بالهجرة، فهاجر عشر سنين (٢) ". وهذه عائشة -رضي الله عنها- تقول:"تجهز أبو بكر قِبَلَ المدينة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على رسلك؛ فإني أرجو أن يؤذن لي"، فقال أبو بكر: "وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ " قال: "نعم"، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصحبه، وقالت: "ولما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر في نحر الظهيرة متقنعاً، ودخل عليه، قال له:"فإني قد أُذن لي في الخروج (٣) "، وقد صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله أمره بالهجرة إلى المدينة، أو بسكناها إذ قال:"أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة"(٤).
(١) أخرجه الحاكم، وأبو نعيم، والبيهقيُّ في "الدلائل". (٢) "صحيح البخاري". (٣) "صحيح البخاري". (٤) "صحيح البخاري".