التابعي إذا روى الحديث عن الذي سمعه أحال الرواية عليه، وإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقوله إلا بعد اجتهاد في معرفة صحته " (١).
المذهب الثاني: ليس بحجة، وهو من جملة الحديث الضعيف.
وهو قول الأئمة: الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد بن حنبل (٢)، وقول أكثر أهل الحديث (٣).
قال الشافعي: " الحديث المنقطع لا يكون حجة عندنا " (٤)، وقال: " نحن لا نقبل الحديث المنقطع " (٥)، وقال: " لا نثبت المنقطع على وجه الانفراد " (٦).
وبعد أن ذكر أبو داود السجستاني أن الشافعي تكلم في المراسيل، قال: " وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره " (٧).
وكان الإمام أحمد بن حنبل يقدم عليه الحديث الموقوف، فلو كان مما يحتج به عنده لم يقدم عليه قول الصحابي أو فعله.
(١) المدخل إلى كتاب الإكليل، للحاكم (ص: ٤٣)، وانظره عن الحنفية في " شرح المنار " لابن نجيم (٢/ ٩٥)، وحكى معنى ذلك ابن عبد البر في " التمهيد " (١/ ٣) عن بعض المالكية. (٢) المدخل إلى كتاب الإكليل، للحاكم (ص: ٤٣، ٤٥)، وكلام الشافعي في غير موضعٍ من كُتبه، انظر من ذلك: الأم (١٢/ ٣٦٨). وابن المبارك ربما قبلَ مرسل الثقة، كما نقل ذلك عنه أحمد بن حنبل، قال: حدثني الحسن بن عيسى، قال: حدثْتُ ابن المبارك بحديث أبي بكر بن عياش عن عاصم عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " حسنٌ "، فقلت: له _ يعني ابن المبارك _: إنه ليس فيه إسناد؟ فقال: " إن عاصماً يُحتمل له أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قال: فغدوْت إلى أبي بكر، فإذا ابن المبارك قد سبقني إليه، وهو إلى جنبه، فظننته سأله عن هذا الحديث. أخرجه أحمد في " العلل " (النص: ٤٨٧٤) وهو صحيح، الحسن هذا ثقة. (٣) الكفاية، للخطيب (ص: ٥٤٧)، والتمهيد، لابن عبد البر (١/ ٥). (٤) الأم (١٢/ ٤٨٢، و ١٥/ ٢٦٥). (٥) الأم (١٠/ ٤٦١). (٦) اختلاف الحديث (ص: ١٩١). (٧) رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصْف سننه (ص: ٣٢).