فاعتبرنا الآثار [التي](١) قد جاءت في ذلك، هل نجد فيها على شيء من ذلك دليلًا؟
فإذا ابن أبي داود حدثنا، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي -عليه السلام- نحوه، وزاد قال:"فسأله فأقر بما ادعت، فرضخ رأسه بين حجرين".
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه -: "أن يهوديًّا رضخ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا، أفلان؟ أفلان؟ حتى ذكروا اليهودي، فأُتي به، فاعترف، فأمر به النبي -عليه السلام- فَرُضَّ رأسه بالحجارة".
فبين هذا الحديث أن النبي -عليه السلام- إنما قتله بإقراره بما ادعي عليه لا بالدعوى.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جماهير العلماء، منهم: الأئمة الأربعة وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: لا يجوز أن يُقتل أحدٌ بقول المدعي أو بكلامه فضلًا بإيمائه برأسه، وأجابوا عما احتج أهل المقالة الأولى من حديث أنس - رضي الله عنه - بأنه قد جاء في بعض طرقه أن قتل النبي -عليه السلام- لذلك اليهودي إنما كان بإقراره واعترافه بذلك، لا بدعوى الجارية.
وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي شيخ البخاري وأبي داود، عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أنس.
وأخرجه البخاري (٢): ثنا حجاج بن منهال، ثنا همام، عن قتادة، عن أنس ابن مالك:"أن يهوديًّا رضَّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: مَن فعل بك هذا، أفلان؟ أفلان؟ حتى سُمي اليهودي، فأتي به النبي -عليه السلام- فلم يزل به حتى أقر به، فَرَضَّ رأسه بالحجارة".
(١) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من (ش، ح). (٢) "صحيح البخاري" (٦/ ٢٥٢٠ رقم ٦٤٨٢).