قوله "أساريع" أي طرائق، واحدها أُسروع ويسروع (١) قاله في "النهاية"، وقال الجوهري: الأسروع واحد أساريع القوس، وهي خطوط فيها وطرائق.
قلت: المعنى رأيت بوله ذا طرائق وخطوط.
وانتصابه على الحال؛ لأن "رأيت" بمعنى أبصرت فلا تقتضي إلَّا مفعولا واحدا، ولكنه بتأويل مخططا كما تقول رأيت زيدا أسدا، أي: شجاعا، وبعت البُرَّ قفيزا بدرهم، أي: مسعرا وبعته يدا بيدٍ، أي متناجزين. ومنه قوله تعالى:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}(٢) و {نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}(٣) ونظائره كثيرة.
ص: حدثنا فهد قال: ثنا أبو غسان: قال: ثنا شريك، عن سماك، عن قابوس، عن أم الفضل قالت:"لما ولد الحسين - رضي الله عنه - قلت: يا رسول الله، أعطنيه -أو ادفعه إليَّ- فلأكفله، أو أرضعه بلبني، ففعل، فأتيته به، فوضعه على صدره، فبال عليه فأصاب إزاره، فقلت له: يا رسول الله، أعطني إزارك أغسله. قال: إنما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجاريه.
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فهذه أم الفضل في حديثها هذا: "إنما يصب بول الغلام" وفي حديثها الذي ذكرناه في الفصل الأول: "إنما يُنْضح من بول الغلام، فلما ذكرنا كذلك ثبت أن النضح الذي "أراد به"(٤) في الحديث الأول، هو الصب المذكور ها هنا؟ حتى لا يتضاد الأثران.
وهذا أبو ليلى - رضي الله عنه - فلم يختلف عنه أنه رأى النبي - عليه السلام - صب على البول الماء.
(١) يَسروع: كذا ضبطها في الأصل، ك بفتح الياء، والذي في "النهاية" (٢/ ٣٦١) بضمها بضبط القلم، وفتح الياء هو الأصل، إلا أنهم ضموها هنا اتباعًا لضمة الراء، وانظر "اللسان"، و"القاموس" (سرع). (٢) سورة النساء، آية: [٨٨]. (٣) سورة الأعراف، آية: [٧٣]، وسورة هود، آية: [٦٤]. (٤) كذا في "الأصل، ك"، و"شرح معاني الآثار" (١/ ٩٤).