وقالت طائفة: ليست بدعة ولكنها سُنَّة لا كراهة فيها.
واحتج من قال: إنها تبطل بحديثٍ أخرجه النسائي (١): عن محمود بن لَبِيد قال: "أُخْبر رسول الله -عليه السلام- عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ فقام رجل فقال: يا رسول الله، ألا أقتله؟ ".
قال النسائي: لا أعلم أحدًا رواه غير مخرمة بن بكير بن الأشج، عن أبيه، عن محمود بن لبيد.
وقال ابن حزم: خبر ابن لبيد مرسل ولا حجة في مرسل، ومخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا.
واحتج من قال: إن الثلاث تجعل طلقة واحدة بما رواه مسلم (٢) عن ابن عباس قال: "كان الطلاق على عهد رسول الله -عليه السلام- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر -رضي الله عنه- الثلاث بواحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ كان لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم".
وبما رواه عبد الرزاق (٣) عن ابن جريج: أخبرني طاوس، عن أبيه:"أن أبا الصهباء قال لابن عباس: تعلم أنها كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله -عليه السلام- وأبي بكر وثلاثًا من إمارة عمر -رضي الله عنه-؟ قال: نعم".
وقال ابن حزم: ليس في شيء من هذا أنه -عليه السلام- علم بذلك فأقره، ولا حجة إلا فيما صحَّ أنه -عليه السلام- قاله أو فعله أو علمه فلم ينكره.
واحتج من قال: إنها معصية وأنها تقع بما رواه عبد الرزاق (٤): عن يحيى بن
(١) "المجتبى" (٦/ ١٤٢ رقم ٣٤٠١). (٢) "صحيح مسلم" (٢/ ١٠٩٩ رقم ١٤٧٢). (٣) "مصنف عبد الرزاق" (٦/ ٣٩٢ رقم ١١٣٣٧). (٤) "مصنف عبد الرزاق" (٦/ ٣٩٣ رقم ١١٣٣٩).