قال أبو عمر: فيه إباحة الإشعار بالجنازة والإعلام بها والاجتماع لها، وهذا أقوى من حديث حذيفة:"أنه كان إذا مات له ميت قال: لا تؤذنوا به أحدًا؛ فإني أخاف أن يكون نعيًا، فإني سمعت رسول الله - عليه السلام - نهى عن النعي". وإلى هذا ذهب جماعة من السلف.
فإن قيل: حديث حذيفة حسّنه الترمذي (١).
وجاء عن ابن مسعود أيضًا قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إياكم والنعي، فإن النعي من عمل الجاهلية، قال عبد الله: والنعي أذان بالميت".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب (٢).
قال البيهقي (٣): ويروى النهي أيضًا عن ابن عمر وأبي سعيد وسعيد بن المسيب وعلقمة وإبراهيم النخعي والربيع بن خثيم.
وفي "المصنف"(٤): وأبي وائل وأبي ميسرة وعلي بن الحسن وسويد بن غفلة ومطرف بن عبد الله ونصر بن عمران أبي حمزة.
قلت: التوفيق بين الحديثين: أن حديث النجاشي لم يكن نعيًّا، إنما كان مجرد إخبار بموته، فسمي نعيًّا لتشبهه به في كونه إعلامًا، وكذا يقال في جعفر بن أبي طالب وأصحابه.
قال ابن بطال: إنما نعى - عليه السلام - النجاشي وصلى عليه؛ لأنه كان عند بعض الناس على غير الإسلام، فأراد إعلامهم بصحة إسلامه.
(١) "جامع الترمذي" (٣/ ٣١٣ رقم ٩٨٦) بلفظ "إذا مات فلا تؤذنوا"، ورواه ابن ماجه في "سننه" (١/ ٤٧٤ رقم ١٤٧٦)، وأحمد في "مسنده" (٥/ ٤٠٦ رقم ٢٣٥٠٢) كلاهما بلفظ المصنف -رحمه الله-. (٢) "جامع الترمذي" (٣/ ٣١٢ رقم ٩٨٤ - ٩٨٥). (٣) "السنن الكبرى" (٤/ ٧٤ رقم ٦٩٧١). (٤) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٤٧٥ رقم ١١٢٠٥: ١١٢١٦).