أخرجه الأربعة (١) وابن حبان أيضًا في "صحيحه"(٢) ولفظه: "فاقبلوا رخصته".
قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}(٣) أي إثم وخطيئة، وقال الزمخشري: لما كانوا ألفوا الإتمامَ فكانوا مظنة لأن يخطروا ببالهم أن عليهم نقصانًا في القصر، فنفى الله عنهم الجناح؛ لتطيب أنفسهم بالقَصْر ويطمئنوا إليه وقرئ:"تقصروا" من أقصر، وقرأ الزهري: تقصّروا بالتشديد.
والقصر ثابت بنص الكتاب في حال الخوف خاصةً وهو قوله:{إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٣) وأما في حال الأمن فبالسنّة، وسيجيء مزيد كلام في هذه الآية الكريمة عن قريب إن شاء الله تعالى.
قوله:"صدقة" قال الجوهري: الصدقة ما تصدق به على الفقراء.
ويستفاد منه أحكام:
احتج به القوم المذكورين أن القصر رخصة وليس بعزيمة.
قلنا: الحديث دليل لنا؛ لأنه أمر بالقبول فلا يبقى له خيار الردّ شرعًا؛ إذ الأمر للوجوب.
فإن قيل: المتصدق عليه يكون مختارًا في قبول الصدقة كما في المتصدق عليه من العباد.
قلنا: معنى قوله: "تصدق الله بها عليكم" حكم عليكم؛ لأن التصدق من الله فيما لا يحتمل التمليك يكون عبارة عن الإسقاط كالعفو من الله.
وفيه: جواز قول الرجل: تصدق الله علينا، واللهم تصدق علينا، وهذه النعمة صدقة الله تعالى، وقد كره ذلك بعض السلف وهو غلط ظاهر.
(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٣ رقم ١١٩٩)، و"جامع الترمذي" (٥/ ٢٤٢ رقم ٣٠٣٤)، و"المجتبى" (٣/ ١١٦ رقم ١٤٣٣)، و "سنن ابن ماجه" (١/ ٣٣٩ رقم ١٠٦٥). (٢) "صحيح ابن حبان" (٦/ ٤٤٩ رقم ٢٧٤٠). (٣) سورة النساء، آية: [١٠١].