عَلى بُطْلَانِ الشِّرْكِ، وَأَنَّهُم فِي ذَلِكَ ظَالِمُونَ أَشَدَّ الظُلْمِ، سَوَاءً كَانَ الشِّرْكُ فِي الأَقْوَالِ أَمْ فِي الأَفْعَالِ؛ فَإِنَّ الخَالِقَ لَهُم مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ؛ الَّذِي خَلَقَ مِنْهَا زَوجَهَا وَجَعَلَ لَهُم مِنْ أَنْفُسِهِم أَزْوَاجًا، ثُمَّ جَعَلَ بَينَهُم مِنَ المَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ مَا يَسْكُنُ بَعْضُهُم إِلَى بَعْضٍ وَيَأْلَفُهُ وَيَلْتَذُّ بِهِ، ثُمَّ هَدَاهُم إِلَى مَا بِهِ تَحْصُلُ الشَّهْوَةُ وَاللَّذَّةُ وَالأَولَادُ وَالنَّسْلُ، ثُمَّ أَوجَدَ الذُّرِّيَّةَ فِي بُطُونِ الأُمَّهَاتِ وَقْتًا مَوقُوتًا تَتَشَوَّفُ إِلَيهِ نُفُوسُهُم وَيَدْعُونَ اللهَ أَنْ يُخْرِجَهُ سَوِيًّا صَحِيحًا، فَأَتَمَّ اللهُ عَلَيهِمُ النِّعْمَةَ وَأَنَالَهُم مَطْلُوبَهُم؛ أَفَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ فِي عِبَادَتِهِ أَحَدًا، وَيُخْلِصُوا لَهُ الدِّينَ؟! وَلَكِنَّ الأَمْرَ جَاءَ عَلَى العَكْسِ، فَأَشْرَكُوا باللهِ مَنْ لَا ﴿يَخْلُقُ شَيئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ﴾ أَي: لِعَابِدِيهَا ﴿نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ﴾ " (١).
- ابْنُ حَزْمٍ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ؛ عَالِمُ الأَنْدَلُسِ فِي عَصْرِهِ، وَأَحَدُ أَئِمَّةِ الإسلَامِ، كَان فِي الأَنْدَلُسِ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَنْتَسِبُونَ إِلَى مَذْهَبِهِ يُقَالُ لَهُم: (الحَزْمِيَّةُ)، وُلِدَ بِقُرْطُبَةَ، وَكَانَ يُقَالُ: لِسَانُ ابْنِ حَزْمٍ وَسَيفُ الحَجَّاجِ شَقِيقَانِ، (ت ٤٥٦) (٢).
- عبْدُ المُطَّلِبِ؛ اسْمُهُ: شَيبَةُ الحَمْدِ، وَسُمِّيَ بِعَبْدِ المُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مَعَ عَمِّهِ المُطَّلِبِ -وَقَد اسْوَدَّتْ بَشَرَتُهُ مِنَ السَّفَرِ- ظَنَّهُ النَّاسُ عَبْدًا لَهُ؛ فَنَسَبُوهُ إِلَيهِ.
- قَولُهُ: (إِبْلِيسَ): عَلَى وَزْنِ (إِفْعِيل)، مِنْ أَبْلَسَ: إِذَا يَئِسَ، لِأَنَّهُ يَئِسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى.
(١) تَفْسِيرُ السَّعْدِيِّ (ص ٣١١).(٢) الأَعْلَامُ للزِّرِكْلِيِّ (٢/ ٢٤٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute