رَحِمَكَ اللهُ- أَنَّ الحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ؛ وَأَنَّ المُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الحَقِّ؟ قَالَ: (بَلَى؛ اجْتَنِبْ مِنْ كَلَامِ الحَكِيمِ المُشْتَهِرَاتِ (١) الَّتِي يُقَالُ لَهَا: مَا هَذِهِ؟ وَلَا يُثْنِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ، وَتَلَقَّ الحَقَّ إِذَا سَمِعْتَهُ فَإِنَّ عَلَى الحَقِّ نُورًا) (٢).
- فِي لَفْظِ أَحْمَدَ: ((كَانَ يَمْنُعُنِي الحَيَاءُ مِنْكُمْ)) (٣)، حَيَاؤُهُ ﷺ مِنْهُم لَيسَ عَلَى وَجْهِ الحَيَاءِ مِنَ الإِنْكَارِ عَلَيهِم! بَلْ كَانَ ﷺ يَكْرَهُهَا، وَلَكِنَّهُ يَستَحْيِي أَنْ يَذْكُرَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِإِنْكَارِهَا؛ فَلَمَّا جَاءَ الأَمْرُ الإِلَهِيُّ بِالرُّؤيَا الصَّالِحَةِ أَنْكَرَهَا وَلَم يَستَحْي فِي ذَلكَ.
- هَذِهِ المَسَائِلُ لَيسَتْ مِنَ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ وَإِنَّمَا مِنَ الأَصْغَرِ -كَمَا قَالَ المُصَنِّفُ ﵀ فِي مَسَائِلِهِ-، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَولُهُ فِي آخِرِ الحَدِيثِ: ((وَإِنَّكُمْ قُلْتُمْ كَلِمَةً كَانَ يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا)) وَتَحْرِيمُ الشِّرْكِ فِي الأَلْفَاظِ أَتَى بِالتَّدْرِيجِ فِي تَارِيخِ بَعْثَةِ النَّبِيِّ ﵊ وَتَبْلِيغِهِ أُمَّتِهُ بِالأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، أَمَّا الشِّرْكُ الأَكْبَرُ -الجَلِيُّ- فَقَدْ نَفَاهُ مِنْ أَوَّلِ الرِّسَالَةِ.
(١) قَالَ أَبُو دَاوُد ﵀ في سُنَنِهِ (٤/ ٢٠٢): "وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا (المُشَبَّهَاتِ) مَكَانَ (المُشْتَهِرَاتِ) ".قَالَ صَاحِبُ عَونُ المَعْبُودِ بِشَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُد (١٢/ ٢٣٨): "أَي الكَلِمَاتِ المُشْتَهِرَاتِ بِالبُطْلَانِ، (الَّتِي يُقَالُ لَهَا: مَا هَذِهِ؟) أَي: يَقُولُ النَّاسُ إِنْكَارًا فِي شَأْنِ تِلْكَ المُشْتَهِرَاتِ: مَا هَذِهِ؟ (وَلَا يُنْئِيَنَّكَ) أَي: لَا يَصْرِفَنَّكَ عَنِ الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، (ذَلِكَ) المَذْكُورُ مِنْ مُشْتَهِرَاتِ الحَكِيمِ، (عَنْهُ) أَي: عَنِ الحَكِيمِ، (فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ) أَي الحَكِيمُ، (أَنْ يُرَاجِعَ) أَي: يَرْجِعَ عَنِ المُشْتَهِرَاتِ".(٢) صَحِيحٌ مَوقُوفٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤٦١١). صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٤٦١١).وَأَمَّا حَدِيثُ: ((الكَلِمَةُ الحِكْمَةُ؛ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ)). فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. ابْنُ مَاجَه (٤١٦٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. ضَعِيفُ الجَامِعِ (٤٣٠١،٤٣٠٢).(٣) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٠٦٩٤) عَنْ طُفَيلِ بْنِ سَخْبَرَةَ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (١٣٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute