إِنَّمَا الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ بِالنِّيَّاتِ الخَالِصَةِ، لَا أَنَّ الأَعْمَالَ المُخَالِفَةَ لِلشَّرِيعَةِ تَنْقَلُب إِلَى أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ مَشْرُوعَةٍ بِسَبَبِ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ بِهَا! ذَلِكَ مَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا جَاهِلٌ أَو مُغْرِضٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَو صَلَّى تُجَاهَ القَبْرِ؛ لَكَانَ ذَلكَ مُنْكَرًا مِنَ العَمَلِ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِلأَحَادِيثِ وَالآثَارِ الوَارِدَةِ فِي النَّهْي عَنِ اسْتِقْبَالِ القَبْرِ بِالصَّلَاةِ، فَهَلْ يَقُولُ عَاقِلٌ: إِنَّ الَّذِي يَعُودُ إِلَى الاسْتِقْبَالِ -بَعْدَ عِلْمِهِ بِنَهي الشَّرْعِ عَنْهُ-: إِنَّ نِيَّتَهُ طَيِّبَةٌ وَعَمَلَهُ مَشْرُوعٌ؟! كَلَّا ثُمَّ كَلَّا، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِي يَسْتَغِيثُونَ بِغَيرِ اللهِ تَعَالَى، وَيَنْسَونَهُ تَعَالَى فِي حَالَةٍ هُمْ أَحْوَجُ مَا يَكُونُونَ فِيهَا إِلَى عَونِهِ وَمَدَدِهِ؛ لَا يُعْقَلُ أَنْ تَكُونَ نِيَّاتُهُم طَيِّبَةً؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُم صَالِحًا، وَهُمْ يُصِرُّونَ عَلَى هَذا المُنْكَرِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (١).
- قَولُهُ: ((فَلَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ)) لِأَنَّ فِيهِ تَسْوِيَةً فِي المَشِيئَةِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى عَنِ المُشْرِكِينَ: ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشُّعَرَاء: ٩٦ - ٩٨].
- قَولُهُ: ((لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلَانٌ؛ وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ)) فِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى مَنْ سَدَّ بَابًا مُحَرَّمًا أَنْ يَفْتَحَ لَهُم بَابًا مُبَاحًا (٢).
- فِي الحَدِيثِ قَبُولُ الحَقِّ أَينَمَا كَانَ، كَمَا فِي الأَثَرِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَيرَةَ؛ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ: (وَأُحَذِّرُكُمْ زَيغَةَ الحَكِيمِ؛ فَإِنَّ الشَّيطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ المُنَافِقُ كَلِمَةَ الحَقِّ)، قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاذٍ: مَا يُدْرِينِي -
(١) الصَّحِيحَةُ (١٣٩).(٢) كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البَقَرَة: ١٠٤].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute