٥ - أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ حَرِيٌّ أَنْ يُخْتَمَ لَهُ بِسُوءِ الخَاتِمَةِ، فَيَمُوتَ كَافِرًا، فَيَكُونُ هَذَا الوَعِيدُ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَؤُولُ حَالُهُ إِلَيهِ (١).
- فَائِدَة ١: مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا العَصْرِ بِوُضُوحٍ -مَعَ غَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهُ- مَا يَكْثُرُ فِي المَجَلَّاتِ وَيُسَمُّونَه الأَبْرَاجَ، وَيَجْعَلُونَ أَمَامَ كُلِّ بُرْجٍ مَا سَيَحْصُلُ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ المَرْءُ مَولُودًا فِي ذَلِكَ البُرْجِ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ لَهُ: سَيَحْصُلُ لَكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ كَذَا وَكَذَا (٢)!
وَهَذَا هُوَ التَّنْجِيمِ الَّذِي هُوَ ادِّعَاءُ التَأْثِيرِ. وَالاسْتِدْلَالُ بِالنُّجُومِ وَالبُرُوجِ عَلَى التَّأْثِيرِ فِي الأَرْضِ وَعَلَى مَا سَيَحْصُلُ فِيهَا؛ هُوَ نَوعٌ مِنَ الكِهَانَةِ، وَوُجُودُهُ فِي
(١) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ ﵀ (٤/ ٣٢٤): "ذِكْرُ خَبَرٍ تَاسِعٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا؛ أَنَّ العَرَبَ تُطْلِقُ اسْمَ المُتَوَقَّعِ مِنَ الشَّيءِ فِي النِّهَايَةِ عَلَى البِدَايَةِ: [ثُمَّ أَورَدَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: ((المِرَاءُ فِي القَرْآنِ كُفْرٌ))] قَالَ أَبُو حَاتِمٍ [ابْنُ حِبَّانَ]: إِذَا مَارَى المَرْءُ فِي القُرْآنِ أَدَّاهُ ذَلِكَ -إِنْ لَمْ يَعْصِمْهُ اللهُ- إِلَى أَنْ يَرْتَابَ فِي الآي المُتَشَابِهِ مِنْهُ، وَإِذَا ارْتَابَ فِي بَعْضِهِ أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الجَحْدِ، فَأَطْلَقَ ﷺ اسْمَ الكُفْرِ الَّذِي هُوَ الجَحْدُ عَلَى بِدَايَةِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ المِرَاءُ".قُلْتُ: وَالحَدِيثُ المَذْكُورُ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٤٦٠٣) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٦٦٨٧).(٢) قَالَ الشَّيخُ مُلَّا عَلِي القَارِيِّ ﵀ فِي كِتَابِهِ مِرْقَاةُ المَفَاتِيحِ (٧/ ٢٩١١): "وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَولِهِمْ: أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْ مَولُودَينِ وُلِدَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؛ أَلَيسَ يَجِبُ تَسَاوِيهِمَا فِي كُلِّ وَجْهٍ؛ وَلَا تَمْيِيزَ بَينَهُمَا فِي الصُّورَةِ وَالقَدِّ وَالمَنْظَرِ؛ وَحَتَّى لَا يُصِيبَ أَحَدًا نَكْبَةٌ إِلَّا أَصَابَ الآخَرَ، وَحَتَّى لَا يَفْعَلَ هَذَا شَيئًا إِلَّا وَالآخَرَ يَفْعَلُ مِثْلَهُ؟ وَلَيسَ فِي العَالَمِ اثْنَانِ هَذَا صِفَتُهُمَا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute