ب- أَنَّ الجَزاءَ فِي الآيَاتِ لَيسَ المَقْصُودُ وُقُوعَهُ؛ وَإنَّمَا الإِخْبَارُ عَنِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ، فَهُوَ وَعِيدٌ وَلَيسَ بِوَعْدٍ (١).
قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ (عَونُ المَعْبُودِ) (٢): "جُمْهُورُ السَّلَفِ وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ حَمَلُوا مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّغْلِيظِ، وَصَحَّحُوا تَوبَةَ القَاتِلِ كَغَيرِهِ، وَقَالُوا مَعْنَى قَولِهِ: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ أَي: إِنْ شَاءَ أَنْ يُجَازِيَهُ تَمَسُّكًا بِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ " (٣).
وَقَالَ أَبُو مِجْلَز: (هِيَ جَزَاؤُهُ؛ فَإِنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْهُ فَعَلَ) (٤).
ج- أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ مَخَصُوصَةٌ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى العَفْوِ بِمَشِيئَةِ اللهِ وَبِالتَّوبَةِ وَبِأَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى إِخْرَاجِ المُوَحِّدَينَ مِنَ النَّارِ، كَمَا قَالَ
(١) كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((مَنْ وَعَدَهُ اللهُ ﷿ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا؛ فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ، وَمَنْ وَعَدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا؛ فَهُوَ فِيهِ بِالخِيَارِ)). صَحِيحٌ. أَبُو يَعْلَى (٣٣١٦) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٤٦٣).(٢) هُوَ مُحَمَّدُ؛ شَمْسُ الحَقِّ؛ العَظِيمُ آبَادِي؛ أَبُو الطَّيِّبِ، (ت ١٣٢٩ هـ).(٣) عَونُ المَعْبُودِ (١١/ ٢٣٦).وَقَالَ أَيضًا ﵀: "وَمِنَ الحُجَّةِ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا؛ ثُمَّ أَتَى تَمَامَ المِائَةِ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: لَا تَوبَة لَكَ؛ فَقَتَلَهُ فَأَكْمَلَ بِهِ مِائَةَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرَ فَقَالَ لَهُ: وَمَنْ يَحُول بَينك وَبَين التَّوبَةِ. الحَدِيث. وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لِمَنْ قَبْلَ هَذِهِ الأُمَّةِ؛ فَمِثْلُهُ لَهُمْ أَولَى لِمَا خَفَّفَ الله عَنْهُمْ مِنَ الأَثْقَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُم".(٤) حَسَنٌ مَقْطُوعٌ. سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ (٤٢٧٦). صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٤٢٧٦).وَأَبُو مِجْلَزٍ: هُوَ لَاحِقُ بْنُ حُمَيدٍ السَّدُوسِيُّ، تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، (ت ١١٠ هـ). اُنْظُرْ (تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ) (١/ ٥٨٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute