فَمَنْ مَاتَ عَلَيهَا مُخْلِصًا بِهَا مِنْ قَلْبِهِ؛ مُنَزِّهًا قَلْبَهُ عَنِ الإِصْرَارِ عَلَى المَعَاصِي؛ فَهُوَ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ مُطْلَقًا، خِلَافًا لِمَنْ مَاتَ عَلَيهَا وَلَكِنْ لَمْ يَكْمُلْ تَوحِيدُ قَلْبِهِ؛ وَلَمْ يُنَزِّهْهُ عَنْ مَحَبَّةِ المَعَاصِي؛ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا.
- حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ هُنَا ضَعِيفُ الإِسْنَادِ (١)، وَيُغْنِي عَنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو مَرْفُوعًا: أَنَّ نُوحًا أَوصَى ابْنَهُ؛ فَقَالَ: ((آمُرُكَ بلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ لَو وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ أُخْرَى لَرَجَحَتْ بِهِنَّ)) (٢).
- إِنَّ هَذَا الفَضْلَ العَظِيمَ لِكَلِمَةِ التَّوحِيدِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ قَوِيَتْ فِي قَلْبِهِ وَأَتَى بِكَمَالِهَا، وَهَذِهِ القُوَّةُ هِيَ الَّتِي تَحْرِقُ مَا يُقَابِلُهَا مِنَ الذُّنُوبِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الخَلَائِقِ يَومَ القِيَامَةِ؛ فَيَنْشُرُ عَلَيهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً؛ فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيكَ اليَومَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاَّتِ؟! فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كَفَّةٍ وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ؛ فَطَاشَتِ السِّجِلاَّتُ، وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ؛ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللهِ شَيءٌ)) (٣).
(١) سَبَقَ ذِكْرُ وَجْهِ ضَعْفِهِ.(٢) صَحِيحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (٥٤٨). صَحِيحُ الأَدَبِ المُفْرَدِ (٤٢٦).(٣) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٦٣٩). الصَّحِيحَةُ (١٣٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute