إِفْحَامًا بِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عِمْرَان: ٥٩] (١).
- قَولُهُ: ((أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ)) يَعْنِي عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيهِ مِنَ العَمَلِ -وَلَو كَانَ مقصِّرًا فِيهِ وَعِنْدَهُ ذُنُوبٌ وَعِصْيَانٌ-.
وَقَرِيبٌ مِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا: ((لَقِّنُوا مَوتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ كانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ -عِنْدَ المَوتِ- دَخَلَ الجَنَّة يَومًا مِنَ الدَّهْرِ؛ وَإِنْ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ)) (٢).
- قَولُهُ: ((حَرَّمَ عَلَى النَّارِ)) إِنَّ التَحْرِيمَ عَلَى النَّارِ فِي نُصُوصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَأْتِي عَلَى دَرَجَتَينِ:
١ - تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ (مُطْلَقٌ): فَهُوَ لَا يَدْخُلُهَا أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ.
٢ - تَحْرِيمٌ بَعْدَ أَمَدٍ: أَي رُبَّمَا يَدْخُلُهَا ثُمَّ يَحْرُمُ عَلَيهِ البَقَاءُ فِيهَا.
وَالحَدِيثُ هُنَا يَحْتَمِلُ الدَّرَجَتِينِ وَلَكِنْ بِتَوجِيهِ كَلِمَةِ التَّوحِيدِ مِنْ جِهَةِ كَمَالِهَا، وَمِنْ جِهَةِ آخَرِ مَا كَانَ عَلَيهِ مِنْ شَأْنِهَا (٣).
(١) وَمِثْلُهُ قَولُهُ تَعَالَى فِي سُورَة مَرْيَمَ عَنْ جِبْرِيلَ ﵇: ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾ [مَرْيَم: ١٦ - ١٩]، فَانْظُرْ كَيفَ وَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى بِقَولِهِ: ﴿رُوحَنَا﴾ -مُضَافًا إِلَى جَنَابِهِ تَعَالَى- ثُمَّ انْظُرْ كَيفَ قَالَ جِبْرِيلُ ﵇: ﴿إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ﴾.(٢) صَحِيحُ مُسْلِمِ (٩١٦)، وَاللَّفْظُ بِتَمَامِهِ لِابْنِ حِبَّانَ (٣٠٠٤).وَبِنَحْوِهَا أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا خُرُوجُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ التَّوحِيدِ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ دَخَلُوهَا بِذُنُوبِهِم.(٣) قَالَ البُخَارِيُّ ﵀ فِي صَحِيحِهِ (٧/ ١٤٩) عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي فِيهِ: ((وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟)) "هَذَا عِنْدَ المَوتِ، أَو قَبْلَهُ إِذَا تَابَ وَنَدِمَ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ غُفِرَ لَهُ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute