- فِي الآيَةِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَائِدَةُ أنَّ الإِنْسَانَ يَرِثُ آبَاءَهُ وَأَجْدَادَهُ إِذَا كَانَ عَلَى نَهْجِهِم وَعَلَى طَرِيقِهِم؛ فَيُخَاطَبُ خِطَابَهُم، حَيثُ أَنَّ مَنْ جُعِلُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ قَدْ هَلَكُوا، وَهَؤُلْاءِ عَلَى دِينِهِم وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ نَسْلِهِم أَصْلًا؛ وَمَعْ ذَلِكَ خُوطِبُوا نِيَابَةً عَنْهُم لِكَونِهِم عَلَى نَهْجِهِم وَمُقِرُّونَ بِصِحَّةِ مَا كَانُوا عَلَيهِ.
- قَولُهُ: ((لَتَتَّبِعُنَّ)) خَبْرٌ بِمَعْنَى النَّهْي، أَي: لَا تَتَشَبَّهُوا بِهِم وَلَا تُقَلِّدُوهُم، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)) (١).
وَ "القُذَذُ: رِيشُ السَّهْمِ، وَاحِدَتُهَا: قُذَّةٌ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ: ((لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قبلَكُم حَذْوَ القُذَّةِ بِالقُذَّةِ))، أَي: كَمَا تُقَدَّرُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ صَاحِبَتِهَا وَتُقْطَعُ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلشَّيئَينِ يَسْتَوِيَانِ وَلَا يَتَفَاوَتَانِ" (٢).
وَهَذَا الاتِّبَاعُ المُرَادُ بِهِ تَقْلِيدُ الأُمَمِ المَاضِيَةِ كَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي عَادَاتِهِم مِمَّا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا خَيرَ؛ كَمَا فِي الحَدِيثِ هُنَا، وَالحَدِيثُ يَشْمَلُ أَيضًا فَارِسَ وَالرُّومَ كَمَا فِي البُخَارِيِّ (٣).
- فِي لَفْظٍ لِلْحَدِيثِ: ((لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وبَاعًا بِبَاعٍ، حَتَّى لَو أَنَّ أَحَدَهُم دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ دَخَلْتُم، وَحَتَّى لَو أَنَّ أَحَدَهُم ضَاجَعَ
(١) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٥١١٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٢٨٣١).(٢) النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ (٤/ ٢٨).(٣) البُخَارِيُّ (٧٣١٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute