فَـ (عَبَدَ) فِعْلٌ مَاضٍ، وَ (الطَّاغُوتَ): مِفْعُولٌ بِهِ.
وَالقِرَاءَةُ الأُخْرَى (وعَبُدَ الطَّاغُوتِ) بِفَتْحِ عَينِ (عَبُدَ) وَضَمِّ بَائِهَا وَخَفْضِ (الطَّاغُوتِ) بِإِضَافَةِ (عَبُدَ) إِلَيهِ. وَعَنَوا بِذَلِكَ: وَخَدَمَ الطَّاغوتِ (١).
- فِي الآيَةِ فَائِدَةُ أَنَّ العِلمَ وَحْدَهُ لَيسَ بِعَاصِمٍ مِنَ المَعْصِيَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُؤْمِنَ مَنْ أُوتِيَ نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ بِعِبَادَةِ الأَوثَانِ، لِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ (أَكْثَرُ دُعائِهِ: يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ؛ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) (٢).
- وَجْهُ المُنَاسَبَةِ مِنَ الآيَاتِ مَعَ البَابِ لَا يَتَبَيَّنُ إِلَّا بِالحَدِيثِ؛ وَهُوَ: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم))، فَإِذَا كَانَ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ! وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ يَرْكَبُ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؛ لَزِمَ مِنْ هَذَا أنَّ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ سَيُؤْمِنُ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، فَتَكُونُ الآيَةُ مُوَافِقَةً لِلتَّرجَمَةِ بِذَلِكَ.
- قَولُهُ: ﴿بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ الجِبْتُ: يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ لَا خَيرَ فِيهِ، وَالطَّاغُوتُ: يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ يَدْعُو إِلَى البَاطِلِ (٣).
- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ هَذَا مِنِ اسْتِعْمَالِ أَفَعَلِ التَّفْضِيلِ فِيمَا لَيسَ فِي الطَّرَفِ الآخَرِ لَهُ مُشَارَكَةٌ (٤).
(١) وَفِيهَا أَيضًا قِرَاءَاتٌ أُخْرُ أَورَدَهَا ابْنُ جَرِيرٍ ﵀ فِي تَفْسِيرِهِ (١٠/ ٤١٤) وَقَالَ: "وأمَّا قِرَاءَةُ القَرَأَةِ؛ فِبِأَحَدِ الوَجْهَينِ اللَّذَينِ بَدَأْتُ بِذِكْرِهِمَا".(٢) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٣٥٢٢) عَنْ أمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٤٨٠١).(٣) "الجِبْتُ -بِالكَسْرِ-: الصَّنَمُ، وَالكَاهِنُ، وَالسَّاحِرُ، وَالسِّحْرُ، وَالَّذِي لَا خَيرَ فِيهِ، وكُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالَى". القَامُوسُ المُحِيطِ (ص ١٤٩).(٤) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِير (٣/ ١٤٤).وَمِثْلُهُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المُؤْمِنُون: ١٤]، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿آللَّهُ خَيرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النَّمْل: ٥٩].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute