وَأَمَّا بَرَكَةُ الآثَارِ -كَالرِّيقِ وَالشَّعْرِ وَالعَرَقِ-: فَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ فِي قِصَّةِ صُلْحِ الحُدَيبِيَة؛ أَنَّهُ قَالَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: (وَاللَّهِ؛ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ) (١).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٢٠٦٩) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -تُخْبِرُ عَنْ جُبَّةٍ كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَقَالَتْ: (هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ ﵂ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا -وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَلْبَسُهَا- فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى) (٢)، وَفِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ أَيضًا عَلَى صِحَّةِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ المُنْفَصِلَةِ عَنْ جَسَدِهِ الشَّرِيفِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ﷺ.
وَهَذَا التَّبَرُّكُ بِالذَّاتِ وَبِالآثَارِ قَدِ انْقَطَعَ بَعْدَ مَوتِ النَّبِيِّ ﷺ؛ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ آثَارِهِ بَاقِيًا بِيَقِينٍ بَعْدَ مَوتِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ المُتَيَقَّنُ مَعَ انْقِرَاضِ قَرْنِ الصَّحَابَةِ ﵃.
وَأَمَّا بَرَكَةُ الأَفْعَالِ: فَهُوَ كَمَا فِي حَدِيثِ تَكْثِيرِ المَاءِ بَينَ يَدِيهِ ﷺ، وَتَكْثِيرِ الطَّعَامِ فِي قِصَّةِ وَلِيمَةِ جَابِرٍ، وَالأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ فِي الصَّحِيحَينِ وَغَيرِهِمَا.
ب- بَرَكَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ: وَهِيَ بَرَكَةُ الإِسْلَامِ وَالخَيرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَهَذِهِ يَشْتَرِكُ فِيهَا العُلَمَاءُ وَالصَّالِحُونَ مَعَ الأَنْبِيَاءِ.
وَهَذِهِ البَرَكَةُ الحَاصِلَةُ؛ مِنْ ثَمَرَتِهَا: الهِدَايَةُ وَالنَّصْرُ فِي الدُّنْيَا، وَالجَنَّةُ وَالنَّجَاةُ مِنَ العَذَابِ فِي الآخِرَةِ.
وَكَمَا فِي حَدِيثِ حُذَيفَةَ بْنِ اليَمَانِ ﵁؛ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الخَيرِ؛ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ -مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا
(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٧٣١).(٢) رَوَاهُ مُسْلِمٍ (٢٠٦٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute