وَهُنَا وَقَفَاتٌ:
١ - لَا يَلْزَمُ مِنْ كَونِ اللهِ تَعَالَى قَدْ وُصِفَ بِصِفَةٍ عِنْدَ اليَهُودِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَطَأً مُطْلَقًا! بَلْ مَا وَافَقَ شَرْعَنَا مِنْهُ يَكُونُ مَقْبُولًا، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ؛ فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُمْ)) (١).
وَعَلَيهِ فَإِثْبَاتُ أَهْلِ الكِتَابِ لِلْنُبُوَّاتِ وَالمَعَادِ؛ يَلْزَمُ مِنْهُ إِنْكَارُنَا لِذَلِكَ!!
٢ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وضَحِكَ، وَلَا يُقَالُ هُنَا: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ ضَحِكَ اسْتِهْزَاءً وَتَعَجُّبًا مِنْ تَجْسِيمِ اليَهُودِيِّ!! وَذَلِكَ لِأُمُورٍ:
أ- أَنَّ الضَّحِكَ لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ يَكُونُ إِنْكَارًا! لَا سِيَّمَا مَعَ السُّكُوتِ وَعَدَمِ البَيَانِ.
قَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيمَةَ ﵀ فِي كِتَابِ التَّوحِيدِ (١/ ١٧٨): "بَابُ ذِكْرِ إِمْسَاكِ اللهِ ﵎ اسْمُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ- السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا عَلَيهَا عَلَى أَصَابِعِهِ، جَلَّ ربُّنَا عَنْ أَنْ تَكُونَ أَصَابِعُهُ كَأَصابِعِ خَلْقِهِ، وَعَنْ أَنْ يُشْبِهَ شَيءٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ صِفَاتِ خَلْقِهِ، وَقَدْ أَجَلَّ اللهُ قَدْرَ نَبِيِّهِ ﷺ عَنْ أَنْ يُوصَفَ الخَالِقُ البَارِئُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيسَ مِنْ صِفَاتِهِ؛ فَيَسْمَعُهُ فَيَضْحَكُ عِنْدَهُ؛ وَيَجْعَلُ بَدَلَ وُجُوبِ النَّكِيرِ وَالغَضَبِ عَلَى المُتَكَلِّمِ بِهِ ضَحِكًا تَبْدُو نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا وَتَعَجُّبًا لِقَائِلِهِ! لَا يَصِفُ النَّبِيَّ ﷺ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُؤْمِنٌ مُصَدِّقٌ برِسَالَتِهِ" (٢).
(١) صَحِيحٌ. ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (١٤٨٧)، وَأَحَمْدُ (١٧٢٢٥) عَنْ أَبِي نَمْلَةَ الأَنْصَارِيِّ. الصَّحِيحَةُ (٢٨٠٠).(٢) كِتَابِ التَّوحِيدِ (١/ ١٧٨).وَقَالَ المُبَارَكْفُورِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ تُحْفَةُ الأَحْوَذِيِّ بِشَرْحِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ (٩/ ٨١): "قُلْتُ: قَولُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الضَّحِكَ المَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الإِنْكَارِ! لَا شَكَّ عِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَأْهِلُ أَنْ يُنْكَرَ عَلَيهِ أَشَدَّ الإِنْكَارِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute