٢٦٠] فأجابه على نحو ما سأل وعلم أن أحدًا لا يقترح على الله مثل هذا فيجيبه بعين مطلوبه إلا عن رضا واصطفاء، فقوله:{أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} بأنا اصطفيناك واتخذناك خليلاً؟ وقال:{بَلَى}.
وقال القرطبي: النفوس متشوفة إلى المعاينة، يصدقه الحديث الصحيح:"ليس الخبر كالمعاينة"(١). وقال ابن عطية: السؤال بـ (كيف) إنما هو سؤال عن حالة شيء موجود متقرر الوجود عند السائل والمسئول، نحو قولك: كيف علم زيد؟ ونحوه فـ (كيف) هنا: استفهام عن هيئة الإحياء وهو متقرر (٢).
قال القرطبي: إنما سأل أن يشاهد كيفية [جمع](٣) أجزاء الموتى بعد تفريقها وإيصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها، فأراد أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين (٤). وقيل: إنه لما احتج على المشركين بأن ربه يحيي ويميت، طلب ذلك من ربه؛ ليصح احتجاجه عيانًا. وقال بعضهم: هو سؤال على طريق الأدب، المراد: أقدرني على إحياء الموتى. وقوله:{لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} عن هذِه الأمنية.
وذكر البخاري في التفسير عن ابن عباس:{فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}: قطعهن (٥).
وأسنده أبو حاتم في "تفسيره" من حديث مجاهد عنه ثم قال: وروي
(١) "تفسيرالقرطبي" ٣/ ٢٩٧ - ٢٩٨. وحديث "ليس الخبركالمعاينة" حديث صحيح، تقدم تخريجه في شرح حديث رقم (١٦٥٨). (٢) "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لابن عطية ٢/ ٤١٨ - ٤١٩. (٣) ساقطة من الأصول، وأثبتناها من "تفسير القرطبي". (٤) "تفسير القرطبي" ٣/ ٢٩٩. (٥) سيأتي برقم (٤٥٣٨) كتاب: التفسير، باب: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ}.