وهذا هو الأولى والأحرى بالمسلم كما وجه بذلك رسول الله ﷺ أصحابه ﵃، حيث صرفهم ﷺ عن التبرك بآثاره الحسية إلى التبرك بآثاره الحديثية.
وذلك لما دعا النبي ﷺ بوضوئه وتوضأ به، بادر الصحابة ﵃ إلى وضوئه فشربوا منه ومسحوا وجوههم ورؤوسهم وصدورهم، فلما رآهم يصنعون ذلك (١):
قال رسول الله ﷺ:«إن كنتم تحبون أن يحبكم الله ورسوله فحافظوا على ثلاث خصال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وحسن الجوار»(٢).
علَّق الإمام الشاطبي ﵀ على هذا الحديث قائلاً: … هو مشعر بأن الأولى تركه [التبرك بالآثار النبوية الحسية]، وأن يتحرى ما هو الآكد والأحرى من وظائف التكليف (٣).
وقال العلامة المحدّث ناصر الدين الألباني ﵀ معلقّا على هذا الحديث: انظر هذا اللطف في النقد من الأمر المفضول إلى الحكم الفاضل، لم يصدهم الرسول ﷺ صدًّا، وإنما مهد لهم تمهيدًا بأسلوب عظيم جدًّا: ما الذي يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله وهم صادقون في ذلك،
فقال لهم: هذا لا يدل [على] حبكم لله والرسول!
الذي يدلكم على ذلك هو أن تعملوا بما جاء به الرسول ﷺ عن ربه ﷾(٤).
هذا ولا بد من التنبيه إلى جواز التبرك بآثار النبي ﷺ وعدم إنكاره،
(١) يُنظر: فتاوى الإمارات، الموسوعة العقدية للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني (٣/ ٩٠٢). (٢) رواه الخلعي في الفوائد (١٨/ ٧٣/ ١)، وابن وهب في جامعه نقلاً عن الإمام الشاطبي في الاعتصام (٢/ ١٣٩)، ورواه عبد الرزاق في المصنف (١١/ ٧/ ١٩٧٤٨)، الطبراني في الأوسط (١/ ١٥٢/ ١)، والمعجم الكبير أيضًا (٤٧/ ١ مجموع ٦)، أخرجه ابن منده في المعرفة (٢/ ٢١/ ١)، (٢/ ٢٥٩/ ٢)، وكذا أبو نعيم في فوائد ميمونة كما في الإصابة، حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (ج ٦/ ق ٢/ ص ١٢٦٤/ ح ٢٩٩٨). (٣) الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٨٥). (٤) فتاوى الإمارات، الموسوعة العقدية للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني (٣/ ٩٠٢).