كان الناس أمة واحدة على التوحيد الخالص من آدم إلى نوح ﵉؛ لقوله تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣](١).
ثم طرأ عليهم الشرك، بعد مرور عشرة قرون، كما قال النبي ﷺ:«كان بين آدمَ ونوحٍ ﵉ عَشَرَةُ قُرُونٍ»(٢)، وزاد في رواية:«كُلُّهُمْ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا، بَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ، فَكَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً»(٣).
فبعث الله الأنبياء ﵈ مبشرين ومنذرين، يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهون عن عبادة ما سواه، وما من نبي يُبعث إلا ويقول: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩]، اعبدُوا: أي: وحِّدُوا (٤).
وقد جاء في القرآن الكريم الإخبار عن أحوال الأمم السابقة مع أنبيائهم، حيث أنجى الله ﷻ رسله وأتباعهم المؤمنين، وأهلك المكذبين (٥).
وهذه سُنَّة الله في بعض الأمم التي كفرت، وكذّبت الرسل ﵈، وتحدّت آيات الأنبياء، أن يهلكهم ويستأصلهم، ولا يبقي لهم عقب.
(١) يُنظر: فتح الرحمن في تفسير القرآن، لمجير الدين العليمي المقدسي (١/ ٢٩٧). (٢) أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، بيان القرون فيما بين الأنبياء (٢/ ٥٤٩/ ح ٤٠٣٨)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩/ ٦٩/ ح ٣٢٨٩). (٣) أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب التفسير، تفسير سورة ﴿حم *عسق *﴾ (٢/ ٤٤٢/ ح ٣٦٧٥)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. (٤) تفسير القرآن العظيم، لابن أبي حاتم (٥/ ١٥٠٥). (٥) يُنظر: جامع البيان (٢٠/ ٣٦٩).