دعوته (١)، المتمردين، العتاة، الجبارين، الخارجين عن طاعته، المكذبين لرسله، الجاحدين لكتبه فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديثًا وعبرًا (٢).
فخلّد الله ﷻ ذكر نبي الله هود ﵇ وقومه في القرآن الكريم، فذُكرت قصته في كثير من السور (٣)، وسميت سورة من المفصل سورة هود (٤) وجرى ذِكر قومه عاد مع مجمل الأمم المعذبة في سور أُخر (٥).
[المسألة الثالثة: هلاك عاد]
كانت عاد أمة مشركة على شاكلة قوم نوح ﵇، يعبدون أصنامًا اتخذوها آلهة من دون الله، وفشا فيهم الشرك والضلال، وصار التوحيد أمرًا منكرًا وغريبًا عندهم.
ودليل ذلك جوابهم على نبيِّهم هود ﵇ عندما دعاهم إلى عبادة الله وحده، قالوا: ﴿أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *﴾ [الأعراف]، وفي موضع آخر قالوا: ﴿أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *﴾ [الأحقاف]، فقد جعلوا الدعوة إلى عبادة الله وحده ونبذ الأوثان أمرًا يُتعجب منه، ولا تستسيغه عقولهم! (٦).
فأهلك الله ﷻ هذه الأمة المتجبرة المستكبرة، التي بارزت الجبار بالعداوة، وجحدت آياته وعصت رسوله، وهي عاد التي اعتدت بقوتها وشدتها، وقالت مقالتها الشنيعة (٧): ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ
(١) يُنظر: تيسير الكريم الرحمن، لعبد الرحمن السعدي (٣٨٤). (٢) يُنظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٨/ ٣٩٤). (٣) ذكرت قصة هود ﵇ وقومه في سورة: الأعراف (٦٥ - ٧٢)، والمؤمنون (٣١ - ٤٠)، والشعراء (١٢٣ - ١٤٠)، وفصلت (١٥ - ١٦)، والأحقاف (٢١ - ٢٥)، والذاريات (٤١ - ٤٢)، والنجم (٥٠ - ٥٥)، والقمر (١٨ - ٢٢)، والحاقة (٦ - ٨)، والفجر (٦ - ١٤). (٤) الآيات التي احتوت على قصته ﵇ من آية (٥٠ - ٦٠). (٥) يُنظر: سورة: التوبة (٧٠)، إبراهيم (٩)، الحج (٤٢)، الفرقان (٣٨)، العنكبوت (٣٨)، سورة ص (١٢)، غافر (٣١)، فصلت (١٣)، سورة ق (١٣)، الحاقة (٤). (٦) يُنظر: أسباب هلاك الأمم السالفة (١٣٢). (٧) يُنظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٧/ ١٦٩)، أسباب هلاك الأمم السالفة (٦٤ - ٦٥).