الْخَلَصَةِ» (١)، وغيرها كثير من الأحاديث المذكورة سابقًا (٢) التي أخبر الرسول ﷺ فيها بوقوع الشرك وحدوثه في هذه الأمة، ووقع، وحصل هذا الإخبار بما هو مشاهد عيانًا (٣).
٢ يُحمل معنى إياس الشيطان على عدة معانٍ، منها:
أ عدم تسلطه على أناسٍ معلومين، وهم الذين قال عنهم الرسول ﷺ:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»(٤)، وفي رواية:«لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ»(٥).
ب وأيضًا يُحمل حديث جابر ﵁ في إياس الشيطان من أن يُعبد في جزيرة العرب، على نفي عودة الشرك إلى الجميع؛ بل يقع عند بعض دون بعض.
كما قال الحافظ ابن رجب ﵀: فاليأس هنا أن تجتمع الأمة على أصل الشرك الأكبر (٦)، ومما يؤكد ذلك ما حصل من ارتداد أكثر أهل الجزيرة بعد موت النبي ﷺ وقتال الصديق والصحابة ﵃ لهم على اختلاف تنوعهم في الردة.
ج إن النبي ﷺ نسب الإياس إلى الشيطان، ولم يقل: إن الله آيسه،
(١) سبق تخريجه راجع فضلاً (٢٨٣). (٢) راجع فضلاً (٢٨٥)، وكذلك بقية الأحاديث التي في دواوين السُّنَّة. يُنظر: إلى ما أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة، (٤/ ٢٢٣٠/ ح ٢٩٠٧)، وحديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل المدينة، باب لا يدخل الدجال المدينة، (٣/ ٢٢/ ح ١٨٨١). (٣) يُنظر: التحذير من تعظيم الآثار غير المشروعة، من مجموع مؤلفات الشيخ عبد المحسن العباد (٤/ ٢١١). (٤) أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب الفتن والملاحم، لا يزال هذا الدين قائمًا يقاتل عليه المسلمون حتى تقوم الساعة (٤/ ٤٤٩/ ح ٨٤٨٣)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (١/ ٢٣١/ ح ١٢٧)، وأورده ابن حجر في المطالب العالية، كتاب الفتن، باب نصرة أهل الحق حتى يأتي أمر الله (١٧/ ٦٠٠/ ح ٤٣٥٢/ ٤)، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٤٧٨). (٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، باب قول النبي: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» (٩/ ١٠١/ ح ٧٣١١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» (٦/ ٥٣/ ح ١٩٢١). (٦) يُنظر: لطائف المعارف، لابن رجب (١٨٠).