كما أكد الإمام الهمام ابن قيّم الجوزية ﵀ على الأخذ بالأحاديث الصحيحة والاعتماد عليها وعدم معارضتها بروايات التاريخ بقوله: لا يجوز معارضة الأحاديث الصحيحة المعلومة الصحة بروايات التاريخ المنقطعة المغلوطة (١).
فمن أبرز الدعاوى والشُّبهات التي يُحتج بها على إحياء آثار مقامات النبي ﷺ ما يلي:
* الشبهة الأولى (٢): الاحتجاج بحديث عتبان بن مالك الأنصاريِّ ﵁، وطلبِه مِنْ النبيِّ ﷺ: أنْ يُصلِّيَ في بيتِه لِيتَّخذَه مُصلًى، ففَعَل ﷺ(٣)، والادّعاء بأن هذا الحديث هو التأصيل الشرعي لمسألة التبرك بمقامات النبي ﷺ المكانية.
تفنيد هذه الشبهة:
١ كان الصحابي الجليل عتبان بن مالكٍ الأنصاري ﵁ أَعمَى، يَؤُمُّ قومه (٤)، فطلب من النبي ﷺ أن يأتي ليصلي في بيته؛ لأجل الوقوف على جهة القبلة بالقطع (٥)، وليس لإرادة البركة بالمكان.
٢ لو كان فيه فضل ومزيّة؛ لتردد الصحابة ﵃ عليه، واهتموا به (٦).
٣ ولو صحت فيه البركة فهي بركة العمل الصالح ليس إلاّ.
٤ ولو افترضنا أن فعل الصحابي كان تبركًا بالنبي ﷺ فلقرب عهد النبي ﷺ بالمكان حال حياته، بخلاف آثار مقامات النبي ﷺ التي تطاول عليها الزمان!
(١) يُنظر: حاشية ابن القيم على عون المعبود (٢/ ٣٠٠). (٢) يُنظر: الآثار النبوية بالمدينة المنورة، لعبد العزيز القاري (١٤). (٣) يُنظر: إلى ما أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت (١/ ٤٣٥/ ح ٤٢٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر (١/ ٤٥٥/ ح ٢٦٣). (٤) التاريخ الكبير، للبخاري (٧/ ٨٠). (٥) وهذا أولى الأقوال التي ذكرها الحافظ ابن حجر ﵀ في فتح الباري (١/ ٥٢٢)؛ لاتفاقه مع الأصول الشرعية، والقواعد المرعية. (٦) يُنظر: البيان لأخطاء بعض الكُتّاب، لصالح الفوزان (٢/ ٣٨).