* الشبهة الثانية (١): زعمهم أن السُّنَّة ليست وحيًا، والتشكيك في مصدرها؛ بحجة أن النبي ﷺ أهمل تدوينها، ونهى عن كتابتها، وتكذيب ما نُسب إليه ﷺ من أحاديث، وأنه لم ينزل عليه شيء من الوحي سوى ما حواه القرآن.
واحتجوا بحديث أبي سعيد الخدري ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ … »(٢).
تفنيد هذه الشبهة (٣):
١ قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى *﴾ [النجم]، هذا دليل صريح من القرآن يدل على أن السُّنَّة وحي من الله ﷻ على رسول الله ﷺ(٤).
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، وقوله ﷻ: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، وقوله: ﴿إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ *﴾ [الشعراء]، وقوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ *﴾ [النور]، وغيرها من الآيات التي تدل على حجية السنة وأنها وحي من الله ﷻ.
٢ دعوى نهي النبي ﷺ عن كتابة السُّنَّة والتهوين من شأن تدوينها، لا يدل بوجه من الوجوه على عدم حُجِيَّتِهَا، إذ إن المصلحة كانت تقتضي ذلك، وتضافر الصحابة ﵃ مع قِلَّتِهِمْ على كتابة القرآن والسنة وتدوينهما،
(١) يُنظر: ما نقلته مجلة إشاعة السُّنَّة (٩/ ٢٩١)، عن كتاب المباحثة، لعبد الله جكر الوي (٨١)، وأيضًا يُنظر: بلاغ الحق، لمحب الحق (١٩)، نقلاً من كتاب القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة (٢١٤). (٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب التثبت فِي الحديث وحكم كتابة العلم، (٨/ ٢٢٩/ ح ٣٠٠٤). (٣) للاطلاع أكثر على تفنيد هذه الشبهة يُراجع: الشبهات الثلاثون (٧٧)، القرآنيون شبهاتهم حول السُّنَّة (٢١٣ - ٢١٩)، حجية خبر الآحاد، لربيع بن هادي (٥/ ٨١ - ١١٨). (٤) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (١٧/ ٨٥)، تيسير الكريم الرحمن (٨١٨).