حَسِبْتَ بُغَامَ رَاحِلَتِي عَنَاقًا … وَمَا هِيَ وَيْبَ غَيْرِكَ بِالعَنَاقِ
يَقُولُ: ظَنَنْتَ بُغَامَ رَاحِلَتِي صَوْتَ جَدْيٍ، فَجِئْتُهُ طَمَعًا فِي افْتِرَاسِهِ، وَمَا هِيَ بِعَنَاقٍ، (وَيْبَ غَيْرِكَ) أَيْ: وَيْلَ غَيْرِكَ.
وَقَوْلُهُ: (عَنَاقًا) عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مُقَامَهُ، يُرِيدُ: بُغَامَ عَنَاقٍ، وَ (البُغَامُ): صَوْتُ الإِبِلِ، وَهُوَ صَوْتٌ خَفِيٌّ.
قَالَ عُلَمَاءُ الشَّرِيعَةِ: النَّاسُ فِي الزَّكَاةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
مِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا وَيُؤَدِّيهَا، فَيَسْتَحِقُّ الحَمْدَ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ (١).
وَمِنْهُمْ: مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا وَلَا يُؤدِّيهَا، فَعَلَى الأَمِير (٢) أَنْ يُقَاتِلَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ حُكِمَ بِكُفْرِهِ، كَجَاحِدِ الصَّلَاةِ. أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: لَمَا ارْتَدَّ مِنَ العَرَبِ مَنِ ارْتَدَّ كَانُوا أَصْنَافًا:
فَصِنْفٌ: فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَأَقَرُّوا بِالصَّلَاةِ (٣)، وَأَنْكَرُوا فَرْضَ الزَّكَاةِ وَوُجُوبَ أَدَائِهَا إِلَى الإِمَامِ، وَكَانَ بَنُو يَرْبُوعٍ جَمَعُوا صَدَقَاتِهِمْ، وَأَرَادُوا أَنْ يَبْعَثُوا بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁، فَمَنَعَهُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ،
(١) سورة التوبة، الآية (١٠٣)(٢) تَصَحَّفَ في المخطوط إلى (الأهم).(٣) في المخطوط: (في الصَّلاة).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute