فَاتَّفَقُوا عَلَى قِتَالِهِمْ بَعْدَ مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهَا، فَثَبَتَ وُجُوبُهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ.
قَالَ البُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ فَقَالَ: (ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ) (١).
الصَّدَقَةُ فِي هَذَا الحَدِيثِ بِمَعْنَى الزَّكَاةِ.
قَالَ أَهْلُ التَّفْسِير فِي قَوْلِهِ ﴿فَأَصَّدَّقَ﴾ (٢) أَيْ: فَأُزَكِّيَ.
وَفي الحَدِيثِ مِنَ الفِقْهِ أَنَّ زَكَاةَ بَلَدٍ لَا تُنْقَلُ إِلَى بَلَدٍ آخَرٍ، وَإِنَّمَا تُصْرَفُ إِلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ البَلْدَةِ الَّتِي بِهَا المَالُ لِقَوْلِهِ: (وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ).
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إِذَا كَانَ غَنِيًّا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ لِقَوْلِهِ (تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ)، كَمَا إِذَا كَانَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ أَخْذُهَا.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْطَى غَيْرُ الْمُسْلِمِ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ.
وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ إِلَيْهِ الصَّدَقَةَ - وَكَانَ غَنِيًّا يَوْمَ أَخْذِهَا - كَانَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا.
(١) حديث (رقم: ١٣٩٥).(٢) سورة المنافقون، الآية (١٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute