القول الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، سمَّى التفاوت بين الإيمان والاطمئنان شكًا، فأطلق على ما دون طمأنينة القلب التي طلبها إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- اسم الشك، وإلا فإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كان مؤمنًا مَوقنًا، ليس عنده شك يقدح في يقينه، ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبر عن هذا المعنى بهذه العبارة.
وإلى هذا ذهب ابن تيمية وابن القيم (١) عليهما رحمة الله.
قال ابن تيمية:"ومعلوم أن إبراهيم كان مؤمنًا، كما أخبر الله عنه بقوله:{أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى}، ولكن طلب طمأنينة قلبه، كما قال:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}، فالتفاوت بين الإيمان والاطمئنان، سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- شكًا لذلك بإحياء الموتى"(٢).
القول الثالث: أن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يشكا في قدرة الله على إحياء الموتى، وإنما شكَّا أن يجيبهما إلى ما سألا.
وإلى هذا ذهب المزني (٣)(٤) وابن حبان (٥).
وذكر ابن الجوزي أن معنى قوله:(أنا أحق بالشك من إبراهيم) بناءً على هذا القول: "أي: أنا أولى أن أسأل مثل هذا الأمر العظيم الذي يشك السائل في إجابة ربه فيه، وإنما صار أحق، لِما عانى من تكذيب قومه له،
(١) انظر: مدارج السالكين (١/ ٥٠٧). (٢) مجموع الفتاوى (١٥/ ١٧٨)، وانظر: (٢٣/ ١١). (٣) هو الإمام إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو إبراهيم المزني المصري صاحب الإمام الشافعي، كان زاهدًا عالمًا مجتهدًا فقيهًا قوي الحجة وهو إمام الشافعية توفي -رَحِمَهُ الله- سنة (٢٦٤ هـ) له مؤلفات منها: الجامع الكبير، والجامع الصغير، والمختصر. [انظر: وفيات الأعيان (١/ ٢٢٠)، والعبر (١/ ٣٧٩)، وشذرات الذهب (٢/ ١٤٨)، والأعلام (١/ ٣٢٩)]. (٤) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٤٨٧)، ومعالم التنزيل (١/ ٢٤٨)، وشرح السنة (١/ ١١٥). (٥) انظر: صحيح ابن حبان (١٤/ ٨٩ - ٩٠).