قال ابن قتيبة:"قال قوم سمعوا الآية: شك إبراهيم، ولم يشك نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا أحق بالشك من إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، تواضعًا منه، وتقديمًا لإبراهيم على نفسه، يريد: أنَّا لم نشك ونحن دونه فكيف يشك هو؟ "(٤).
وقال الخطابي:"مذهب الحديث التواضع والهضم من النفس، وليس في قوله:(نحن أحق بالشك من إبراهيم) اعتراف بالشك على نفسه، ولا على إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، لكن فيه نفي الشك عن كل واحد منهما، يقول: إذا لم أشك أنا ولم أرتب في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فإبراهيم أولى بأن لا يشك فيه وأن لا يرتاب"(٥).
وقال ابن الجوزي:"مخرج هذا الحديث مخرج التواضع وكسر النفس، وليس في قوله:(نحن أحق بالشك) إثبات شك له ولا لإبراهيم، وإنما يتضمن نفي الشك عنهما، لأن قومًا ظنوا في قوله:{أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}[البقرة: ٢٦٠] أنه شك، فنفى ذلك عنه، وإنما المعنى: إذا لم أشك أنا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى فإبراهيم أولى ألَّا يشك، فكأنه رفعه على نفسه"(٦).
(١) انظر: منة المنعم في شرح صحيح مسلم (١/ ١٣٣)، و (٤/ ٦٣). (٢) انظر: تفسير القرآن الكريم (٣/ ٣٠٥)، والقول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٢١٩). (٣) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٩/ ٥٢٥)، والأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٤٨٨)، ومعالم التنزيل (١/ ٢٤٨)، وشرح السنة كلاهما للبغوي، وإكمال المعلم للقاضي عياض (١/ ٤٦٥)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٣/ ٢٩٨ - ٢٩٩)، وشرح النووي على مسلم (٢/ ٥٤٢)، ومدارج السالكين (١/ ٥٠٧)، وفتح الباري (٦/ ٤١٢). (٤) تأويل مختلف الحديث (٩١ - ٩٢). (٥) أعلام الحديث (٣/ ١٥٤٥ - ١٥٤٦). (٦) كشف المشكل (٣/ ٣٥٨).