وعن ابن الزبير -رضي الله عنهما- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت متخذًا في هذه الأمة خليلًا لاتخذته)(٢)، يعني: أبا بكر. رواه البخاري (٣).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:(أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام). متفق عليه (٤).
وعن أبي ذر -رضى الله عنه- قال:(إن خليلي أوصاني: أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدًا مجدَّع الأطراف). رواه مسلم (٥).
[بيان وجه الإشكال]
أن جميع الأحاديث المتقدمة -ما عدا الحديثين الأخيرين- تنفي أن يكون للنبي -صلى الله عليه وسلم- من أمته خليل، وفي المقابل نجد أن أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول:(أوصاني خليلي)، ومثله أبو ذر -رضي الله عنه- حيث يقول:(إن خليلي أوصاني)، فهل يكون هذا مخالفًا لبقية الأحاديث؟ هذا ما سوف يتضح في المطالب التالية، إن شاء الله
(١) صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (١٥/ ١٥٩) ح (٢٣٨٣). (٢) قال ابن تيمية في منهاج السنة (٧/ ٣٧٥): "هذا الحديث مستفيض، بل متواتر عند أهل العلم بالحديث، فإنه قد أُخرج في الصحاح من وجوه متعددة، من حديث ابن مسعود وأبي سعيد وابن عباس وابن الزبير" [وانظر: منهاج السنة (٧/ ٢٨٤، ٥٠٥)، و (٨/ ٥٦٥)، ومجموع الفتاوى (٤/ ٤٠١)، و (٣٥/ ٦٢)، وفتح الباري (٧/ ٢٣)]. (٣) صحيح البخاري: كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت متخذًا خليلًا) (٣/ ١٣٣٨) ح (٣٤٥٨). (٤) البخاري في موضعين: في كتاب: الصوم، باب: صيام أيام البيض (٢/ ٦٩٩) ح (١٨٨٠)، وفي كتاب: التطوع، باب: صلاة الضحى في الحضر (١/ ٣٩٥) ح (١١٢٤). ومسلم: كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى (٥/ ٢٤٢) ح (٧٢١). (٥) صحيح مسلم: كتاب: الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء من غير معصية (١٢/ ٤٦٧) ح (١٨٣٧).