الشعر، يقطر رأسه ماء، واضعًا يديه على منكبي رجلين، وهو يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلًا وراءه جَعْدًا قَطَطًا (١)، أعور العين اليمنى، كأشبه من رأيت بابن قطن (٢)، واضعًا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال)، متفق عليه (٣).
[بيان وجه الإشكال]
أن هذا الحديث ينص على طواف الدجال بالبيت، وهذا يعني: دخوله مكة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الدجال لا يدخل مكة ولا المدينة، كما في الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، ليس لها من نقابها نَقْبٌ إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها)(٤).
قال ابن حجر:"رؤيته إياه بمكة مشكلة مع ثبوت أنه لا يدخل مكة ولا المدينة"(٥).
(١) الجعد القطط هو: الشعر الذي زادت جعودته، أي تثنيه وتكسره. [انظر: أعلام الحديث (٣/ ١٥٩٢)، وتفسير غريب ما في الصحيحين (٢٦٤، ١٨٢)، والنهاية (١/ ٢٧٥)، و (٤/ ٨١)، والفتح (٦/ ٤٧٦)]. (٢) ذكر الزهري أنه رجل من خزاعة، هلك في الجاهلية [انظر: صحيح البخاري (٣/ ١٢٧٠)، و (٦/ ٢٥٧٧)، والفتح (٦/ ٤٨٨)، وتنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم (٨٤)]. (٣) البخاري في مواضع: في كتاب: الأنبياء، باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} (٣/ ١٢٦٩ - ١٢٧٠) ح (٣٢٥٧، ٣٢٥٦)، وفي كتاب: اللباس، باب: الجعد (٥/ ٢٢١١) ح (٥٥٦٢)، وفي كتاب: التعبير، باب: رؤيا الليل (٦/ ٢٥٦٩) ح (٦٥٩٨)، وباب: الطواف بالكعبة في المنام (٦/ ٢٥٧٧) ح (٦٦٢٣)، وفي كتاب: الفتن، باب: ذكر الدجال (٦/ ٢٦٠٧) ح (٦٧٠٩). ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال (٢/ ٥٩٠، ٥٩٣) ح (١٦٩، ١٧١). (٤) البخاري (٢/ ٦٦٥) ح (١٧٨٢)، ومسلم (١٨/ ٢٩٦) ح (٢٩٤٣). (٥) الفتح (١٣/ ٩٨)، وانظر: عون الباري (٤/ ١٥٤).