القول الأول: أنه لا تعارض بين هذه النصوص، لأن المنفي فيها غير المثبت، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نفى خلته لغير الله تعالى، لكنه لم يمنع غيره أن يتخذه خليلًا -كما فعل أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنه-- فالخلة من جانب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، غير الخلة من جانب من سواه.
وقد نص على هذا النووي، وابن حجر، والمعلمي (١)، وغيرهم (٢)، وهو ظاهر كلام القرطبي (٣).
قال النووي:"قوله: (أوصاني خليلي) لا يخالف قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت متخذًا من أمتي خليلًا ... )؛ لأن الممتنع أن يتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- غيره خليلًا، ولا يمتنع اتخاذ الصحابي وغيره النبيَ -صلى الله عليه وسلم- خليلًا"(٤).
وقال ابن حجر:"وقول أبي هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر)؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو -صلى الله عليه وسلم- غيره خليلًا، لا العكس، ولا يقال: إن المخاللة لا تتم حتى تكون من الجانبين، لأنا نقول: إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك، أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة"(٥).
(١) انظر: الأنوار الكاشفة (١٧٠). (٢) انظر: شرح السيوطي على سنن النسائي (٣/ ٢٥٤)، وعون المعبود (٤/ ٢١٨). (٣) انظر: المفهم (٦/ ٣٦٠). (٤) شرح النووي على مسلم (٥/ ٢٤٢)، وانظر: (١٥/ ١٦١). (٥) فتح الباري (٣/ ٥٧).