[المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال]
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(إنكم محشورون حفاة عراة غرلًا (١)، ثم قرأ:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء: ١٠٤]، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم، وإن أُناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح:{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} -إلى قوله- {الْحَكِيمُ}[المائدة: ١١٧، ١١٨]، متفق عليه (٢).
وفي لفظ آخر: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا أيها الناس، إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلًا، ثم قال:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} إلى آخر الآية، ثم قال:
(١) جمع أغرل، وهو الأقلف، أي: الذي لم يختن. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (١٥٩، ٥٠٤)، والمجموع المغيث (٢/ ٥٥٦)، والنهاية (٣/ ٣٦٢)]. (٢) البخاري في مواضع: في كتاب الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (٣/ ١٢٢٢) ح (٣١٧١)، وفي باب: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} (٣/ ١٢٧١) ح (٣٢٦٢)، وفي كتاب التفسير، باب: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (٤/ ١٦٩١) ح (٤٣٤٩)، وفي باب: قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} (٤/ ١٦٩١) ح (٤٣٥٠)، وفي باب: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} (٤/ ١٧٦٦) ح (٤٤٦٣)، وفي كتاب الرقاق، باب: كيف الحشر؟ (٥/ ٢٣٩١) ح (٦١٦١)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة (١٧/ ١٩٩) ح (٢٨٦٠).