وقد ساب سوبا إذا جرى. وأمّا الصَّيبُ فأصلُه (١) من صابَ يَصُوبُ إذا نَزَلَ، قال الشّاعر (٢):
تَحَدَّرَ مِن جَوِّ السَّمَاء يَصُوبُ
وقال المُبَرّدُ: هو من صابَ إذا قصدَ" (٣).
وقوله (٤): "حتّى صارتِ المدينةُ في مثل الجَوْبَة حتّى سألَ الوَادِي"، قال ابن دُرَيد (٥): "الجَوبَةُ الفَجوَةُ بين البيوت، والجَوْبَةُ أيضًا: قِطعَة من الأرض".
والجَوْبُ: الشّقُّ والقَطْعُ. فالمعنَى: أنّ السَّحاب تَقَطَّعَ حول المدينة مستديرًا، وانكشف عنها حتّى مالَتِ البيوت.
وقال ابن دُرَيْد (٦): "الجَوْبَةُ هي القِطْعَة السَّهلة من الأرض وما حَوَالَيها من الأَرْضِين الغِلَاظ".
وقال غيره: الجوبُ المَطَرُ الغَزير.
حديث: قال ابنُ عمر: ربّما ذكرتُ شِعْرَ أبي طالب وأنا أنظرُ إلى وَجْهِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - يَسْتِسْقِي:
وأبيض يُسْتَسْقَي الغَمَامُ بوَجْهِهِ ... ربيع اليتامَى عصمةٌ للأَرَامِلِ
فما ينزل حتّى يجيش كلّ (٧) ميزاب (٨)، فَمُطِرَ النّاس جمعة. فقال رَجُلٌ: يا رسولَ الله. تقطَّعَتِ السُّبُلُ وانْهَدَمَتِ البُيُوتُ، وَهَلَكَتِ المَوَاشِي، فادْعُ اللهَ لَنا (٩).
(١) في الغريب: "فأصلُه الصَّوْبُ". (٢) اختلف في نسبة هذا البيت، فَذُكِرَ أنّه لعلقمة الفحل كما في صلة ديوانه: ١١٨. كما نُسِبَ إلى متمم بن نويرة في ديوانه: ٨٧. وقيل: إنه لرَجُل من عبد القيس يفال له النعمان، أو لأبي وجزة، انظر لسان العرب (م ل ك). وصدر البيت: فَلَستُ لإنْسِىِّ ولكن لِملأكٍ (٣) هنا ينتهي كلام الخطّابي. (٤) أي قوله في الحديث المتَّفق عليه الّذي أخرجه البخاريّ (٩٣٣)، ومسلم (٨٩٧). (٥) في النسختين: "ابن السكيت" وهو تصحيف، والمثبت من شرح البخاريّ وانظر قول ابن دريد في جمهرة اللُّغة: ٢/ ١٠١٧. (٦) في جمهرة اللُّغة: ٢/ ١٠١٧ بنحوه. (٧) ف، جـ: "لك" والمثبت من صحيح البخاريّ. (٨) أخرجه البخاريّ (١٠٠٨). (٩) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٥١٤) رواية يحيى.