وذكر قول إياس بن معاوية:" إنى أراكَ كلفْتَ (١) بهدا العلم "، ورويناه من طريق الطبرى:" عَلِقْتَ " لكن وقع عند الخشنى عنه بضم اللام، وهو وهم، وصوابه كسر اللام فى الحرفين، ومعنى " كَلِفْتَ " أى: ولِعت به (٢). حكاه صاحب العين. قال ابن دريد: كلِفَ بالشىء أحبَّه، وهو معنى علقْتَ أيضاً، والعلاقة الحبُّ، قال صاحب الأفعال: علق الشىء بالشىء والحبّ بالقلب، وعلقت أفعل كذا، أى: أدمته، كله بكسر اللام.
وقوله:" إياك والشناعةَ فى الحديث " معناه: أن يأتى منه بما يُنكَرُ ويقبح (٣) الحديث عنه، يقال: شنَعتُ بالشىء، أى أنكرتُه- بكسر النون- وشَنُع الشىء- بضمها- قبُحَ وشَنَّعْتُ على الرجُلِ إذا ذكرت عنه قبيحاً (٤). حذَّره بهذا أن يُحدث بالأحاديث. المنكرة التى يشنع بها الحديث [وينكر ويقبح](٥) على صاحبه فيُكذَّبُ ويُسْترابُ (٦) فتسقط منزلتُه، ويذل فى نفسه، كما قال فى آخر الخبر.
(١) فى نسخ الصحيح: قد كلفت. (٢) فى اللسان: ويقال: كلِفْتُ بهذا الأمر، أى: أولِعتُ به، وفى الحديث: " اكلفوا من العمل ما تُطيقون "، قال: هو من كلِفْتُ بالأمرِ إذا أولِعْتُ به وأحببته. (٣) فى الأصل: ويصح، وهو سبق قلم من الناسخ. (٤) والشَّناعة الفظاعة- قاله فى اللسان، وقال: شَنُع الأمرُ أو الشىء شناعَة وشنَعْاً، وشُنْعًا، وشُنوعاً قَبُح، فهو شنيع، والاسم الشُّنْعَةُ، وأمر أشنع وشنيع: قبيح، وشَنَّعَ عليه تشنيعاً قبَّحه، وشَنع بالأمر شُنْعًا واستشنعه رآه شنيعاً، وتشنَّع القومُ قبح أمرُهم باختلافهم واضطراب رأيهم. قال: وقد استشنعَ بفلان جهله خفَّ. انتهى. قلتُ: فلا مانع من أن يكون المراد التحذير من الاستخفاف به أيضاً والفظاعة فى نقله وروايته. (٥) فى الأصل رسمت هكذا: مما ولينكر ولقبحُ. (٦) فى الأصل: ويستهزأ به، وما أثبتناه من ت، وهو الأليق بالسياق.