قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ الغِنَى عَنْ كثْرَةِ العَرَضِ"(١) بفتح الراء، يعني: كثرة الأموال والمتاع، وسمي عرضًا؛ لأنه عارض يعرض وقتًا ثم يزول ويفنى (٢) ومنه قوله (٣): "يَبِيعُ دينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا"(٤) أي: بمتاع منها ذاهب فانٍ، والْعَرَضُ: ما عدا العين، قاله أبو زيد. قال الأصمعي: ما كان من مال غير نقد. قال أَبُو عُبَيْد: ما عدا الحيوان والعقار والمكيل والموزون.
قوله في الفتن:"تُعْرَضُ عَلَى القُلُوبِ عَرْضَ الحَصِيرِ عُودًا عُودًا"(٥) معنى "تعرض": تلصق بعرض القلوب كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه، وإلى هذا ذهب أبو الحسين ابن سراج والشيخ أبو بكر. وقيل: معنا تعرض عليها (٦): تظهر لها وتعرف ما تقبل منها وما تأباه وتنفر منه، ومنه: عرضت الخيل، وعرض السجان أهلَ السجن، أي: أظهرهم واختبر أحوالهم، ومنه:{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا}[الكهف: ١٠٠]، أي: أظهرناها لهم، وأن المراد بالحصير هنا الحصير المعروف (٧) تعرض المنقية على الناسجة له ما تنسجه منه واحداً بعد واحد عند النسج كما قال: "عُودًا عُودًا" بضم العين، وإلى هذا (٨)(كان يذهب)(٩) من شيوخنا
(١) البخاري (٦٤٤٦)، ومسلم (١٠٥٢) من حديث أبي هريرة. (٢) في (س): (يفتح). (٣) ساقطة من (د). (٤) مسلم (١١٨) من حديث أبي هريرة. (٥) مسلم (١٤٤) من حديث حذيفة بلفظ: " (تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوب كَالْحَصِيرِ عُوداً عوداً". (٦) في (س): (لها). (٧) ساقطة من (د)، وفي (م، أ): (المعلوم). (٨) ساقطة من (س). (٩) في (س، د، ش): (ذهب).