وليس لمكّىّ فيما أورده من الكلام فى هذه الآية زلّة، وإنما ذكرت ما ذكرته فيها لما فيه من الفائدة.
وقال فى قوله جلّ وعزّ:{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً}(١): أذى فى موضع نصب، استثناء ليس من الأوّل (٢).
وهذا القول نظير ما قاله فى قوله تعالى:{إِلاّ رَمْزاً} إنما {أَذىً} موضعه نصب بتقدير حذف الخافض، أى لن يضرّوكم إلاّ بأذى؛ لأنك لو حذفت «لن» و «إلاّ» فقلت: يضرّونكم بأذى، كان مستقيما.
وقال فى قوله:{رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها}(٣): إنّما وحّد الظالم لجريانه على موحّد (٤).
قوله:«وحّد لجريانه على موحّد» قول فاسد؛ لأنّ الصّفة إذا ارتفع بها ظاهر وحّدت، وإن جرت على مثنّى أو مجموع، نحو: مررت بالرجلين الظريف أبواهما، وبالرجال الكريم آباؤهم؛ لأنّ الصفة التى ترفع الظاهر تجرى مجرى الفعل الذى يرتفع به الظاهر، فى نحو: خرج أخواك، وينطلق غلمانك.
وحكى عن الفراء أنّ {الصّابِئُونَ} من قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابِئُونَ وَالنَّصارى}(٥) معطوف على المضمر فى {هادُوا}، فنسب إليه ما لم يقله عن نفسه، وإنما حكاه عن الكسائىّ، وأبطله الفراء من وجه غير وجه (٦)
(١) سورة آل عمران ١١١. (٢) المشكل ١/ ١٥٢ (دمشق)،١/ ١٧٠، (بغداد). (٣) سورة النساء ٧٥. (٤) المشكل ١/ ١٩٧ (دمشق)،١/ ٢٠٣، وراجع مقالة الدكتور فرحات. (٥) سورة المائدة ٦٩. والمشكل ١/ ٢٣٧ (دمشق)،١/ ٢٣٢ (بغداد). (٦) هكذا فى نسخ الأمالى الثلاثة.