وزعموا أن قومًا من العربِ قالوا: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ (١)، أرادوا مُرْتَدِفينَ، فأدْغَمُوا (وأتْبَعُوا)(٢) الرَّاءَ التي كان (٣) يُلْقَى عليها حركةُ ما بعدَها أو تُحَرَّكُ لالتقاءِ السَّاكنينِ حركةَ الميمِ (٤). فقياسُ هؤلاءِ أن يقولوا: مُقُتِّلِينَ.
وكما حُذِفَتْ همزةُ الوصْلِ لتَحرُّك ماله اجْتُلِبَتْ بالادغامِ، اجتلَبْتَها لسكونِ (٥) ما سكن للادغامِ، فذلك (٦) قولُك في تَدارأ: إذارأ، لما أدغمتَ التاءَ المقاربةَ للدَّالِ في الدَّالِ أُسْكنت (٧) لأنَّ المُدْغَمَ لا يكونُ إلَّا ساكنًا فاجتلَبْت همزةَ الوصْلِ فقلتَ: ادّارَأ، وكذلك اطَّيَّرَ إذا أردت تَطَيَّرَ، وازَّيَّنَ إذا أردت تَزيَّنَ.
وفي التنزيل ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ (٨) و ﴿فَادَّارَأْتُمْ "فِيهَا"﴾ (٩)، واسْمُ الفاعلِ مُدَّارِئٌ ومُزَّيِّنٌ ومُطَّيِّرٌ.
(١) آية ٩/ الأنفال ٨ وتمامها: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾. وقد ذكر ابن جنى في المحتسب ١/ ٢٧٣: أن الذي روى ذلك هو الخليل إذ سمع رجلًا من اهل مكة يقرأ "مردفين" قال. "واختلفت الرواية عن الخليل في هذا الحرف فقال بعضهم. "مردفين" وقال آخر: "مردفين". قال أبو الفتح: أصله "مرتدفين" مفتعلين من الردف، فآثر إدغام التاء في الدال فأسكنها وأدغمها في الدال، فلما التقى ساكنان وهما الراء، والدال، حرك الراء لالتقاء الساكنين: فتارة ضمها إتباعًا لضمة الميم، وأخرى كسرها إتباعًا لكسرة الدال. وانظر أيضًا شواذ ابن خلويه ٤٩. والآية في سيبويه ٢/ ٤١٠. (٢) الأصل: "فاتبعوا" وما أثبته أولى. (٣) ص: "كانت". (٤) ص. "بحركة الميم". (٥) س: "بسكون". (٦) غير الأصل: "وذلك". (٧) ص، مجموعة م عدا س: "سكنت". (٨) آية ٢٤/ يونس ١٠. (٩) آية ٧٢/ البقرة ٢. وتكملتها من ك، ص، انظر إتحاف فضلاء البشر ٨٥.