قال: إن رجلًا سألني عن الحياء فتكلمت عليه بشيء من علم الحياء فدار دورانًا حتى صار كذا كما ترى وذابَ.
قال الجنيد: وقال أحمد بن خضرويه: وبقي منه قطعة كقطعة جوهر فاتخذتُ منه فَصًّا فكلما تكلمتُ بكلام القوم أو سمعتُ من كلام القوم يذوب ذلك الفص حتى لم يبق منه شيء (١).
قال المصنف ﵀: قلت: وهذه من المخالفة القبيحة التي وضعوها، ولولا أن الجهالة يروونها مسندة فيظنونها شيئًا؛ كان الإضراب عن ذكرها أولى.
• أخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: أنا أبو سعد بن أبي صادق، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن باكويه، قال: أنا أبو حنيفة البغدادي، قال: أنا عبد العزيز البغدادي، قالَ: كنتُ أَنظُرُ في حكاياتِ الصوفيَّةِ، فصَعِدْتُ يومًا إلى السَّطْحِ، فسمعتُ قائلًا يقولُ: ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٦]. فالتَفَتُّ، فلمْ أَرَ أحدًا، فطرَحْتُ نفسي مِن السطحِ، فوقفْتُ في الهواءِ (٢)!
قال المصنف ﵀: قلتُ: هذا محالٌ، لا يشكُّ فيهِ عاقلٌ، ولو قدَّرْنا صحَّتَهُ فإِنَّ طَرْحَ نفسهِ مِن السطحِ حرامٌ، وظنَّهُ أَنَّ التولي يكون لمن فَعَلَ المنهيَّ عنهُ سوء فهم.
[فصل]
وقد اندَسَّ في الصوفيةِ وتشبه بهم أَقوامٌ، شَطَحوا في ادعاءِ الكراماتِ، وأَظْهَروا للعوامِّ مخاريقَ صادوا بها قُلوبَهُم:
(١) أخرجه السهلكي في النور من أخبار أبي طيفور ص ١٤٢. (٢) لم أجد من أخرجه غير المؤلف ولابن باكويه كتاب في أخبار الصالحين -في عداد المفقود- يقرب أن يكون أخرجه فيه.