أطَعتُ العِرْسَ في الشَّهواتِ حتى ... أعادَتْني أَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ. وهو لم يكن قبل أسيفاً حتى يعود إلى تلك الحال وفي كتاب الله عزَّ وجلَّ:{يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} ١ وهم لم يكونوا في نور من قبل ومثله قوله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} ٢ وهم لم يبلُغوا أرذلَ العمر فيُرَدُّوا إليه.
الفصل السادس والثمانون: في النَّحت.
العرب تَنْحِتُ من كلمتين وثلاث كلمة واحدة وهو جنس من الاختصار كقولهم: رجلٌ عبْشَميٌ منسوب إلى عبد شمس وأنشد الخليل: [من الوافر]
من قولهم: حَيَّ على الصَّلاة وقد تقدَّم فصل شافٍ في حكاية أقوال متداولة من هذا الجنس. وأما قولهم صَهْصَلِق فهو من صَهَلَ وصَلَقَ والصَّلْدَم من الصَّلْدِ والصّدم.
[الفصل السابع والثمانون: في الإشباع والتأكيد.]
العرب تقول: عشّرَة وعَشَرَة فتلك عشرون كاملة. ومنه قوله تعالى:{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} ٣ ومنه قوله تعالى: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} ٤ وإنما ذكر الجناحين لأنَّ العَرَب قد تُسَمِّي الإسراع طَيَرانا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلَّما سَمِعَ هَيْعَةً طارَ إِلَيْها" ٥. وكذلك قال الله عزّ وجلّ:{يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} ٦ فذكر الألسنة لأنَّ الناس يقولون: قال في نفسه وقلت في نفسي وفي كتاب الله عزّ وجلّ: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} ٧ فاعلم أنَّ ذلك القول باللسان دةن كلام النفس.
[الفصل الثامن والثمانون: في إضافة الشيء إلى من ليس له لكن أضيف إليه لاتصاله به.]
هو من سنن العرب كقولهم: سرْج الفرس وزِمام البَعير وتَمْرُ الشَّجَر وغَنَمُ الراعي.
١ سورة البقرة الآية: ٢٥٧. ٢ سورة النحل الآية: ٧٠. ٣ سورة البقرة الآية: ١٩٦. ٤ سورة الأنعام الآية: ٣٨. ٥ أخرجه مسلم وغيره وتقدم. ٦ سورة الفتح الآية: ١١. ٧ سورة المجادلة الآية: ٨.